وعلى ذلك فلو قال قائل : قم وزيد، فعطف على الضمير المرفوع من غير توكيد كان أقبح من قولنا : قمت وزيد؛ وذلك أن المعطوف عليه في قم وزيد ضمير لا لفظ له، فهو أضعف من الضمير في قمت؛ لأن له لفظًا وهو التاء، وقمت وزيد أضعف من قمنا وزيد؛ لأن "نا" من قمنا أتم لفظًا من التاء في قمت.
وعليه أيضًا تعلم أن قمتما وزيد أشبه شيئًا من قمنا وزيد؛ لأن "تُما" من قمتما أتم لفظًا من "نا" من قمنا. وكذلك أيضًا قولك للنساء : ادْخلْنانِّ وزيد، أمثل من قولك : دخلتنَّ وزيد؛ لأن "نانِّ" من ادخلنان أطول من "تُنَّ" من دخلتن.
فهذه مصارفة وإن خفيت ولطفت تؤثِّر في أنفس العارفين بها ما لا تخطر على أوهام الساهين عنها.
وكذلك لو قلت : اضربنا"نِّهِ"١ وزيد؛ لكان أمثل من ادخلنانِّ وزيد؛ لأن "نانِّهِ" ستة أحرف و"نانِّ" أربعة أحرف، وكذلك اضربنانِّهما وزيد أمثل من اضربنانِّه وزيد؛ لأن "نانِّهما" سبعة أحرف و"نانِّه" ستة أحرف، وكذلك الزيدين الثوبين اكسُونانِّهما هما، أمثل من قولك : الزيدين اكسونانِّهما؛ لأن "نانِّهما هما " عشرة أحرف "ونانِّهما" سبعة أحرف.
فهذا مبنًى يعاد عليه، ويثنى أشباهه إليه. وجميعه من بعد ليس في قوة التوكيد نحو : قم أنت وزيد، و﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾٢؛ وذلك أن التوكيد وإن لم يكن في طول هذه الفروق والفصول، فإن فيه معنى ليس فيها وهو تثبيتة معنى الاسمية للمضمر المتصل "٧٦و" الذي قد شَعَّثَ٣ الفعل فمازجه وصار كجزء منه، فضعفت عن العطف عليه، كما لا يجوز العطف على جزء من الفعل، فإذا وُكِّد صار في حيز الأسماء، ولحق بما يحسن العطف عليه بعد توكيده كما حسن عليها.
ومن ذلك قراءة السري بن يَنْعُم :"ثم أَفْضُوا إليَّ"٤ من أفضيت.
قال أبو الفتح : معناه : أَسرعوا إليَّ، وهو أَفعلْت من الفضاء؛ وذلك أنه إذا صار إلى الفضاء تمكن من الإسراع، ولو كان في ضيق لم يقدر من الإسراع على ما يقدر عليه من السبعة، ولام
٢ سورة البقرة : ٣٥.
٣ المراد : جزأه، من شعث الشيء : فرقه.
٤ سورة يونس : ٧١.