اللذين هما مبتدأ وخبر ونحو ذلك، كقولك : ظننت زيدًا هو خيرًا منك، وكان زيد هو القائم.
وأنا من بعدُ أرى أن لهذه القراءة وجهًا صحيحًا؛ وهو أن تجعل "هن" أحد جزأي الجملة، وتجعلها خبرًا لـ"بناتي"، كقولك : زيد أخوك هو، وتجعل "أطهر" حالًا من "هن" أو من "بناتي"، والعامل فيه معنى الإشارة، كقولك : هذا زيد هو قائمًا أو جالسًا، أو نحو ذلك. فعلى هذا مجازه، فأما على ما ذهب إليه سيبويه ففاسد كما قال.
ومن ذلك ما رواه الحلواني١ عن قالون٢ عن شيبة :"أو آوِيَ"٣ بفتح الياء. ورُوي أيضًا عن أبي جعفر مثله. قال ابن مجاهد : ولا يجوز تحريك الياء هاهنا.
قال أبو الفتح : هذا الذي أنكره ابن مجاهد عندي سائغ٤ جائز؛ وهو أن تعطف "آوِيَ" على "قوة" فكأنه قال : لو أن لي بكم قوة أو أُوِيًّا إلى ركن شديد. فإذا صرت إلى اعتقاد المصدر فقد وجب إضمار أن ونصب الفعل بها، ومثله قول مَيْسُون بنت بَحْدَل الكليبية٥ :
للبسُ عباءة وتقرَّ عيني أحب إلى من لُبس الشفوف٦
فكأنها قالت : للبس عباءة وأن تقر عيني؛ أي : لأن ألبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من كذا، وعليه بيت الكتاب أيضًا :
فلولا رجالٌ من رِزَامٍ أعزَّةٌ وآلُ سُبيع أو أَسُوءك عَلْقَمَا٧
٢ هو عيسى بن مينا وردان مولى بني زهرة أبو موسى الملقب قالون قارئ المدينة ونحويها. يقال : إنه ربيب نافع، وهو الذي سماه بقالون ومعناها بالرومية "جيد" لجودة قراءته. ولد سنة ١٢٠، وقرأ على نافع، وعرض على عيسى بن وردان. ورى القراءة عنه إبراهيم بن الحسين الكسائي وإبراهيم بن محمد المدني وأحمد بن صالح المصري وأحمد بن يزيد الحلواني وغيرهم. توفي سنة ٢٢٠. طبقات ابن الجزري : ١/ ٦١٥.
٣ سورة هود : ٨٠.
٤ في ك : ابن مجاهد سائغ.
٥ كذا في الأصل بصيغة التصغير، وفي هامشه :"قلت : صوابه الكلبية، بصيغة المكبرة؛ لأنه المعلوم حقًّا. وكتبه محققه محمد محمود بن التلاميد التركزي".
٦ يروى :"ولبس". والعباءة : جبة الصوف. والشفوف : ثياب رقاق تصف البدن، واحدها شف بكسر الشين وفتحها. الكتاب : ١/ ٤٢٦، والخزانة : ٣/ ٥٩٢، ٦٢١.
٧ للحصين بن الحمام المري. ويروى :"رزام بن مازن"، و"رزام بن مالك". والصواب : أن مالكًا هو ابن رزام لا أبوه، وهو رزام بن مازن بن ثعلبة بن مسعد بن ذبيان. وسبيع هو ابن عمرو بن فتية. وعلقم هو علقمة بن عبيد بن فتية. الكتاب : ١/ ٤٢٨، والمفضليات : ٦٦.