ومن ذلك قراءة علي - عليه السلام - والحسن بخلاف وأبي رجاء ويحيى بن يعمر وقتادة بخلاف وثابت البناني١ وعوف الأعرابي وابن أبي مريم٢ والأعرج بخلاف ومجاهد بخلاف وحميد بخلاف والزهري بخلاف وابن محيصن ومحمد بن السميفع وعلي بن حسين بن علي وجعفر بن محمد :"قد شَعفها"٣ بالعين.
قال أبو الفتح : معناه : وصل حبه إلى قلبها، فكاد يحرقه لحدته، وأصله من البعير يُهْنَأ بالقطران فيصل حرارة ذلك إلى قبله. قال الشاعر :
أيقتلني وقد شَعَفْتُ فؤادها كما شَعَفَ الْمَهْنُوءَةَ الرجلُ الطَّالِي؟٤
وأما قراءة الجماعة :﴿شَغَفَهَا﴾ بالغين معجمة، فتأويله أنه خرَّق شَغاف قلبها؛ وهو غلافه، فوصل إلى قلبها.
ومن ذلك قراءة الزهري وأبي جعفر وشيبة "مُتَّكًا"٥، مشدد من غير همز، وقرأ :"مُتْكًا" ساكنة التاء غير مهموز ابن عباس وابن عمر والجحدري وقتادة والضحاك والكلبي٦ وأبان بن تغلب، ورُويت عن الأعمش. وقرأ :"مُتَّكَاءً " بزيادة ألف الحسن. وقراءة الناس :﴿مُتَّكَأً﴾ في وزن مُفْتَعَل.
قال أبو الفتح : أما "مُتَّكًَا" غير مهموز فمبدل من مُتَّكَأ، وهو مفتَعَل من تَوَكَّأْتُ، كمُتَّجَهٍ من تَوَجَّهْتُ، ومُتَّعَد من وعدت. وهذا الإبدال عندنا لا يجوز في "٨١ظ" السعة؛ وإنما هو في
٢ هو أبو عبد الله سعيد بن الحكم بن أبي مريم، نسابة أخباري. الفهرست : ١٣٩.
٣ سورة يوسف : ٣٠.
٤ لامرئ القيس. ويروى :"ليقتلني" مكان "أيقتلني". والمهنوءة : من هنأت الناقة : إذا طليتها بالقطران، وهي تستلذه حتى تكاد يغشى عليها. ويريد : قد بلغت منها هذا المبلغ، فكيف يقتلني، وهو لو فعل لكان ذلك سبب القطيعة بينها وبينه لفرط حبها إياي. الديوان : ٢٣٣، والأساس "هنأ".
٥ سورة يوسف : ٣١.
٦ هو أبو النضير محمد بن السائب، أو محمد بن المالك بن السائب، من علماء الكوفة بالتفسير والأخبار وأيام الناس. مُقدَّم في علم الأنساب. توفي سنة ١٤٦، وله من الكتب كتاب تقسيم القرآن. الفهرست : ١٣٩.