وهذه لغة لبني ضبة، وبعضهم يقول في الصحيح بكسر أوله : قد ضِرْب زيد، وقِتْل عمرو، وينقل١ كسرة العين على الفاء.
وحُكي عنهم فيما رويناه عن قطرب : بُوعَ متاعُه، وخُورَ له، واخْتُور عليه : أي اخْتِيرَ، وهو الأجود. ومَن أشَمَّ فقال : قُِيل قال : اختير عليه، ومَن قال : شُد قال : اشْتُدَّ عليه، ومن قال : شُِد فأشم أشم أيضًا فقال : اشتُد عليه، ومَن قال : شِدّ قال : اشْتِدَّ عليه.
وحكى الفراء أن بعضهم قرأ :"كشجرةٍ خَبِيثَةٌ اجْتِثَّتْ"٢ بضم تنوين "خبيثة" وكسر تاء "اجتثت". ومن أبيات الكتاب قول الفرزدق :
وما حِل من جهل حُبَا حلمائنا ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنِّفُ٣
بإشمام ضمة الحاء كسرًا كما ترى.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء بخلاف :"صَوْع الْمَلِكِ"٤ بفتح الصاد. وقرأ :"صُوعَ" بضم الصاد بغير ألف عبد الله بن عون بن أبي أَرْطَبَان. وقرأ :"صَوْغَ الملِكِ" بفتح الصاد وبالغين معجمة يحيى بن يعمر. وقرأ :"صاعَ الملِكِ" أبو هريرة٥ ومجاهد بخلاف، وقراءة الناس :﴿صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾.
قال أبو الفتح : الصَّاعُ والصُّواعُ والصَّوْعُ والصُّوعُ واحد، وكلها مكيال. وقيل : الصُّواعُ : إناء للملِك يشرب فيه. وأما الصَّوْغُ فمصدر وُضع موضع اسم المفعول؛ يراد به الْمَصُوغُ، كالخلق في معنى المخلوق، والصيد في معنى الْمَصِيدِ، وقد تقدم ذكره.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود :"وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عَالِمٍ عَلِيمٌ"٦.
٢ سورة إبراهيم : ٢٦.
٣ يريد : أن حلماءنا وقر في مجالسهم لا يحلون حباهم خفة وجهلًا على من جهل عليهم، ومن أمر بالمعروف في حمالة أو صلح لم يعنف على ما حكم به وضمنه عن قومه. الكتاب : ٢/ ٢٦٠، والديوان : ٥٦١.
٤ سورة يوسف : ٧٢.
٥ هو عبد الرحمن بن صخر أبو هريرة الدوسي الصحابي الكبير - رضي الله عنه - أسلم هو وأمه سنة سبع، وأخذ القرآن عرضًا عن أبي بن كعب، وعرض عليه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. ومناقبه وفضائله وتواضعه وعلمه أكثر من أن تحصر. توفي سنة سبع، وقيل : سنة ثمان وخمسين. طبقات ابن الجزري : ١/ ٣٧٠.
٦ سورة يوسف : ٧٦.