ومن قال :"الْمُثْلَاتُ" بضم الميم وسكون الثاء احتمل عندنا أمرين :
أحدهما : أن يكون أراد : الْمثُلَات، ثم آثر إسكان الثاء استثقالًا للضمة ففعل ذلك، إلا أنه نقل الضمة إلى الميم فقال : الْمُثْلَات، كما قالوا في عَضُد : عُضْد، وفي عَجُز : عُجْز.
والآخر : أن يكون خفف في الواحد فصار مَثُلَة إلى مُثْلَة، ثم جمع على ذلك فقال : الْمُثْلَات.
فإن قيل : فهلا أتبع الضمَّ الضمَّ، فقيل : الْمُثُلَات، كما نقول في غُرْفة : غُرُفات، وفي حجرة : حُجُرات، ففي ذلك جوابان :
أحدهما : أنه إنما كَرِهَ الْمَثُلَة مع فتح الميم، أفيجمع في الْمُثُلَات بين ضمين، فيصير إلى أثقل مما هرب منه؟
والآخر : أنه لو جمع مُثْلَة بعد أن غيرها عن مَثُلَة على مُثُلَات لكان كأنه جمع مُثْلَة مرتجلة على فُعْلَة، كحُجْرَة وظُلْمَة، فأقرها على سكون الثاء بحاله لذلك.
فإن قيل : هلا لم يجمع بين الضمتين لكن فتح الثاء فقال : الْمُثَلَات هربًا إلى الخفة بالفتح كظُلَمَات وغُرَفَات، قيل : لو كان ممن يرى هذا لأقر المثال الأول بحاله فقال : الْمَثُلَات؛ لأنه إذا فعل ذلك فإنما جمع بين ضمة وفتحة أيضًا، فإذا انصرف عن ذلك ألبتة فلا وجه لمعاودة ما كأنه هو، فضم الميم وأسكن الثاء فقال : الْمُثْلَات، واستغنى عن التعسف بالكلمة إلى هذه الغاية المستبعدة، ثم إنها مع ذلك غير مفيدة ولا مجدية، فهذا هذا.
وروينا عن قطرب أن بعضهم قرأ :"الْمُثُلَات" بضمتين، فهذا إما عامَل الحاضر معه فثقَّل عليه، وإما فيها لغلة أخرى؛ وهي مُثُلَة، كبُسُرة، فيمن ضم السين، وإما فيها لغة ثالثة؛ وهي مُثْلَة كغُرْفَة.
وأما من قال :"الْمَثْلَات" بفتح الميم وسكون الثاء، فإنه أسكن عين الْمَثُلَات "٨٥ظ" استثقالًا لها فأقر الميم المفتوحة. وإن شئت قلت : أسكن عين الواحد فقال : مَثْلَة، ثم جمع وأقر السكون بحاله ولم يفتح الثاء، كما قال في جَفْنَة وتَمْرَة : جَفَنَات وتَمَرَات؛ لأنها ليست في الأصل فَعْلَة؛ وإنما هي مسكَّنة من فَعُلَة، ففصل بذلك بين فَعْلَة مرتجلة وفَعْلَة مصنوعة منقولة من فَعُلَة على ما ترى.
وإن شئت قلت : قد أسكن الثاء تخفيفًا، فلم يراجع تحريكها إلا بحركتها الأصلية لها. وقد يمكن أيضًا أن يكون من قال :"الْمَثُلَات" ممن يرى إسكان الواحد تخفيفًا، فلما صار إلى الجمع