ضَحْك، وإن شئت ضِحْك، وإن شئت ضِحِك. فعلى هذ القول : نَعِمَ الرجل، وإن شئت : نعْم، وإن شئت نِعْمَ، وإن شئت نِعِمَ. فعليه جاء :﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾. وأنشدنا أبو علي لطرفة :
ففداء لبني قيس على ما أصاب الناس من سُر وضُرْ
ما أقلَّتْ قدمي إنهم نَعِمَ الساعون في الأمر الْمُبِرْ١
وروينا عن قطرب : نَعِيم الرجل زيد، بإشبع كسرة العين وإنشاء ياء بعدها كالمطافيل٢ والمساجيد. ولَا بُدَّ من أن يكون الأمر على ما ذكرنا؛ لأنه ليس في أمثلة الأفعال فعِيل ألبتة.
ومن ذلك قراءة علي - عليه السلام - وابن عباس وابن أبي مليكة٣ وعكرمة والجحدري وعلي بن حسين وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي يزيد المدني وعلي بن بديمة وعبد الله بن يزيد :"أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الذين"٤.
قال أبو الفتح : هذه القراءة فيها تفسير معنى قول الله تعالى :﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، وروينا عن ابن عباس أنها لغة وَهْبِيل : فخذ من النَّخَع، قال :
ألم ييئس الأقوام أني أنا ابنُه وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا٥
وروينا لسُحيم بن وَثِيل :
أقول لأهل الشِّعْبِ إذ يأسِرُونني ألم تيئسوا أني ابن فارس زَهْدم٦
أي : ألم تعلموا. ويشبه عندي أن يكون هذا راجعًا أيضًا إلى معنى اليأس؛ وذلك أن المتأمل للشيء المتطلب لعلمه ذاهب بفكره في جهات تعرفه إياه، فإذا ثبت يقينه على شيء من أمره اعتقده وأَضرب عما سواه، فلم ينصرف إليه كما ينصرف اليائس من الشيء عنه، ولا يلتفت إليه. وهذه
٢ المطافيل : جمع المطفل كمحسن؛ وهي ذات الطفل من الأنس والوحش.
٣ هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أبو بكر، أو أبو محمد التابعي المشهور. وردت الرواية عنه في حروف القرآن، وروى عن إسماعيل بن عبد الملك. توفي سنة ١١٧. طبقات ابن الجزري : ١/ ٤٣.
٤ سورة الرعد : ٣١.
٥ يروى :"عرض" مكان "أرض". انظر : الأساس : يأس، وتفسير البحر : ٥/ ٣٩٢.
٦ ينسب أيضًا إلى جابر بن سحيم، ويروى :"ييسرونني" مكان "يأسرونني"، و"تعلموا" مكان "تيئسوا". انظر : اللسان :"زهدم، ويأس، ويسر"، والمقاييس : ٦/ ١٥٤، وتفسير البحر : ٥/ ٣٩٢، ولم أعثر عليه في ديوان الشاعر.