الأخرى التي ذكرها أبو الحسن وهي قوله :"أَلَمْ يَأْتِك"، وعليه أيضًا ما وجه بعضهم قوله :
كأن لم ترا قبلي أسيرًا يمانيا١
قال : أراد لم ترَ، ثم أشبع الفتحة فأنشا عنها ألفًا.
فإذا جاز ذلك ساغ الضم في الهاء أيضًا على أصل ضمتها.
فإن قلت : فهل يجوز أن تقول : إنه لم يعتدد بالياء لما كانت زائدة مجتلبة للإشباع، فجرت لذلك مجرى ما ليس موجودًا، كما أن من مد "أوائل" إتباعًا كما ترى، على حد قوله :
نفي الدنانير تنقادُ الصياريف٢
قال على هذا : أَوائيل، أقر الهمزة بحالها بدلًا من واو أواول؛ لبعدها من الطرف بالياء الحاجزة؛ لأن هذه الياء لَحَقٌ٣ ونَيِّفٌ مجتلبة للإشباع، وليست لها عصمة ولا مُسكة، فجرت مجرى المنفردة ألبتة، كما يهمز فيقول : أوائل، فكذلك يهمز، فتقول : أوائيل، ولا يحفل بالياء حاجزًا لما ذكرنا، ولا يجرى عندي مجرى ياء طواويس ونواويس؛ إذ كانت الياء هناك ثابتة القدم؛ لكونها بدلًا من واو ناووس وطاووس الثانية؟
فالجواب : أنه إن ذهب إلى هذا على ما رمته كسر الهاء أيضًا؛ وذلك أن أقصى ما في
وتضحك مني شيخة عبشمية
والبيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، وكان أسر يوم الكلاب، أسرته التيم، قال أبو علي القالي :"قال الأخفش : رواية أهل الكوفة : كأن لم ترن قبلي، وهذا عندنا خطأ، والصواب : ترى، بحذف النون علامة الجزم".
وفي المغني أن أبا علي خرجه "فقال : أصله ترأى بهمزة بعدها ألف، كما قال سراقة البارقي :
أُرى عيني ما لم ترأياه
ثم حذفت الألف للجازم، ثم أبدلت الهمزة ألفًا لما ذكرنا، ويريد "بما ذكرنا" إجراء المحرك مجرى الساكن وعكسه. انظر : ذيل الأمالي : ١٣١ وما بعدها، وسر صناعة الإعراب : ١/ ٨٦، والمغني وحاشية الأمير عليه : ١/ ٢٠٠، ٢٠١.
٢ صدره :
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة
والبيت للفرزوق، ويروى "الدراهيم" مكان "الدنانير"، والهاجرة : نصف النهار عند اشتداد الحر، والتنقاد : النقد؛ وهو تمييز الدراهم، يصف ناقته بسرعة السير في الهواجر، فيقول : إن يديها لشدة وقعها في الحصى تنفيانه فيقرع بعضه بعضًا، ويسمه له صليل كصليل الدراهم، إذا انتقدها الصير فنفى رديئها عن جيدها. انظر : الخصائص : ٢/ ٣١٥، والكتاب : ١/ ١٠، والخزانة : ٢/ ٢٥٥.
٣ لحق : يريد لاحقة، قال في الأساس :"وهو من اللحق : من اللاحقين".