فِي فِتيَةٍ كسُيُوفِ الهنْدِ قَدْ عَلِمُوا أنْ هَالِكٌ كُلُّ مَنْ يَحْفَى ويَنْتَعِلُ١
أي : أنه هالك كل من يحفى وينتعل.
وسبب٢ ذلك أن اتصال المكسورة باسمها وخبرها اتصال بالمعمول فيه، واتصال المفتوحة باسمها وخبرها اتصالان : أحدهما اتصال العامل بالمعمول، والآخر اتصال الصلة بالموصول. [١١١و].
ألا ترى أن ما بعد المفتوحة صلة لها؟ فلما قوي مع الفتح اتصال أن بما بعدها لم يكن لها بد من اسم مقدر محذوف تعمل فيه، ولما ضعف٣ اتصال المكسورة بما بعدها جاز إذا خففت أن تفارق العمل وتخلص حرف ابتداء، ولا يجوز أن تكون "أنْ" هنا بمنزلة أي للعبارة، كالتي في قول الله سبحانه :﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا﴾٤، معناه أي : امشوا. قال سيبويه : لأنها لا تأتي إلا بعد كلام تام، وقوله :﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ﴾ كلام تام، وليست "الخامسة" وحدها كلاما تاما فتكون "أن" بمعنى "أي"، ولا تكون "أن" هنا زائدة كالتي في قوله :
ويوْمًا تُوَافِينا بوجْه مُقَسَّمٍ كَأَنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إلَى وارِقِ السَّلَمْ٥
لأن معناه والخامسة أن الحال كذلك، يدل على ذلك قراءة الكافة :﴿أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ﴾ وأن ﴿غَضَبَ اللَّهِ﴾.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء وحُميد ويعقوب وسفيان الثوري٦ وعَمرة بنت
٢ سقطت "سبب" في ك.
٣ في ك : ضعفت، وهو تحريف.
٤ سورة ص : ٦.
٥ انظر المحتسب : ١ : ٣٠٨.
٦ هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي الإمام الكبير، أحد الأعلام. ولد سنة ٩٧ على الصحيح. وروى القراءة عرضا عن حمزة بن حبيب الزيات، وروى عن عاصم والأعمش حروفا. وروى الحروف عنه عبيد الله بن موسى. توفي بالبصرة سنة ١٦١. طبقات ابن الجزري : ١ : ٣٠٨.