ومن ذلك قراءة عباس١ بن عياش بن أبي ربيعة وأبي جعفر وزيد بن أسلم :"يَتَأَلّ"٢ يَتَفَعَّلُ.
قال أبو الفتح : تأَلَّيْتُ على كذا إذا حلفتُ، والألْوَةُ والإلْوَةُ والأُلْوَةُ والأَلِيَّةُ : اليمين.
أنشد الأصمعي :
عَجَّاجَةً هَجّاجَةَ تأَلَّى لَأُصْبِحَنَّ الأَحْقَرَ الأَذَلَّا٣
أي : ولا يحلف أُولُو الفضل منكم والسعة ألا يؤتوا أُولي القربى. ومن قرأ :"وَلا يَأْتَلِ" فمعناه : ولا يقصر، وهو يفتعل من قولهم : ما ألَوْتُ في كذا أي : ما قصرت.
ومن ذلك ما يروى عن النبي ﷺ :"وَلْتَعْفُوا وَلْتَصْفَحُوا"٤ بالتاء وروي عنه بالياء.
قال أبو الفتح : هذه القراءة بالتاء كالأخرى المأثورة عنه عليه السلام :"فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا"٥، وقد ذكرنا ذلك وأنه هو الأصل، إلا أنه أصل مرفوض٦ استغناءً عنه بقولهم : اعفوا واصفحوا وافرحوا، ولا وجه لإعادته.

١ عباس بن عياش بن أبي ربيعة روى عن أبيه عياش عن النبي ﷺ في تعظيم مكة. وكان أبوه عياش من السابقين الأولين، وهاجر الهجرتين ثم خدعه أبو جهل إلى أن رجعوه من المدينة إلى مكة فحبسوه، وكان النبي "صلى الله عليه وسلم" يدعو له في القنوت كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، وكان يلقب ذا الرمحين. الإصابة : ٣ : ٤٧.
٢ من قوله تعالى في سورة النور :"٢٢" :﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى﴾..
٣ قبله.
قلت تعلق فيلقا هو جلا
وروي في اللسان "عج" :"قلب" مكان "قلت" وهو تحريف. وروي "لتصبحن" مكان "لأصبحن". وامرأة فيلق : داهية صخابة. والهوجل من النساء : الواسعة، وقيل : الفاجرة. وعجاجة : وهجاجة : حمقاء. انظر اللسان "فلق، هجل".
٤ في الآية السابقة : ٢٢.
٥ سورة يونس : ٥٨.
٦ انظر الصفحة ٣١٣ من الجزء الأول.


الصفحة التالية
Icon