فحذف للعلم به. وأما "يُوَجَّهْ"، بفتح الجيم، أي أينما يرسل أو يبعث١ لا يأت بخير.
ومن ذلك قراءة الحسن :"بَشَرٌ الِلسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ٢"، بألف ولام.
قال أبو الفتح : ليس قوله :"الِلسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ" جملة في موضع صفة "بَشَر"، ألا تراها خالية من ضميره؟ وكذلك أيضا هي خالية منه في قراءة الجماعة :﴿بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ﴾، ولأن المعنى أيضا ليس على كونها وصفا، وإنما الوقف على قوله :"بَشَر"، ثم استأنف الله تعالى القول ردا عليهم، فقال :﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ﴾ أي : يميلون بالتهمة إليه ﴿أَعْجَمِيٌّ﴾، ﴿وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾، أي : فكيف يعلم الأعجمي العربية.
ولهذا قال سبحانه :﴿أَعْجَمِيٌّ﴾، ولم يقل : عجمي، وذلك أن "الأعجمي" هو الذي لا يفصح وإن كان عربيا. والعجمي هو المنسوب للعجم٣ وإن كان فصيحا، ألا ترى أن سيبويه كان عجميا فإن كان لسان٤ اللغة العربية فقال الله تعالى : لسان هذا المتهم بأنه يعلمه أعجم، فكيف يجوز أن يعلم العربية وهو لا يفصح؟ [٩١و] فأعجميٌّ من أعجم بمنزلة أحمريُّ من أحمر، وأشقريٌّ من أشقر، ودوَّاريٌّ من دوَّار، وكلابيٌّ٥ من كِلَّاب. وقد مضى ذلك.
ومن ذلك قراءة الأعرج وابن يعمر والحسن - بخلاف - وابن أبي إسحاق وعمرو ونعيم بن ميسرة :"أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبِ٦"، وقرأ "الكُذُبَ" يعقوب، وقرأ "الكُذُبُ" مسلمة بن محارب، وقراءة الناس :﴿الكَذِبَ﴾.
قال أبو الفتح : أما "الْكَذِبِ" بالجر فبدل من "ما" في قوله :"وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ
" أي : لا تقولوا للكذبِ الذي تصف ألسنتكم.

١ في ك : ويبعث.
٢ سورة النحل : ١٠٣.
٣ في ك : إلى العجم.
٤ كذا في الأصل، وفي ك : وإن كان. والظاهر أن العبارة : وإن كان لسانه اللغة العربية.
٥ انظر المحتسب : ١ : ٣١٠، ٣١١.
٦ سورة النحل : ١١٦.


الصفحة التالية
Icon