وأما "الكُذُبَ" بالنصب فجمع كِذَاب، ككِتاب وكُتُب. يقال : كذَب الرجل يكذِب كَذِبًا وكِذَابا، وهو رجل كَيْذَبان، وكِيْذَبان، وكَذَبْذَب. ويقال أيضا : مَكْذَبان، كمَلْكَعان١. وجاز جمع الكِذَاب لأنه ذُهِبَ به مذهب النوع، ولو أُرِيدَ به الجنس لكان جمعُه مستحيلا. والكُذُبُ وصف الألسنة، وقد تقدم مثله.
ومن ذلك قراءة ابن سيرين :"وَإِنْ عَقَّبْتُمْ فَعَقِّبُوا٢".
قال أبو الفتح : معناه إن تتبعتم فتتبعوا بقدر الحق الذي لكم، ولا تزيدوا عليه. قال لبيد :
حتى تَهَجَّرَ في الرواحِ وهاجَهُ طلبُ المعقِّب حقَّه المظلوم٣
أي هاجه طلبا٤ مثل طلب المعقب حقه المظلوم، أي عاذَه ومنعَه المظلومُ، فـ"حَقَّه" على هذا فِعْلٌ : حَقَّه يَحُقُّه، أي لَوَاهُ حقَّه. ويجوز : طلبَ المعقِّب حقه، فتنصب "حقه" بنفس الطلب مع نصب "طلب" كما تنصبه، أي الحق مع رفعه، أي الطلب. والمظلوم صفة المعقب على معناه دون لفظه، أي أن طلب المعقب المظلوم حقه في الموضعين جميعا٥.
٢ سورة النحل : ١٢٦.
٣ ضمير هاجه لحمار الوحش، وروي "هاجها"، فتكون "ها" لأتانه. والمعقب : صاحب المال طلب حقه مرة بعد مرة. وتهجر في الرواح : عجل الرواح إلى الماء. والديوان : ١٢٨.
٤ كذا في النسختين، ورفع "طلب" في البيت يقتضي أن يكون التأويل : وهاجه طلب مثل طلب المعقب.
٥ زاد في ك : أي في نصب الطلب ورفعه.