أما ما رُوِّينا من قول جِران العود :
ألا لَا يَغُرَّنَّ امْرَأً نَوْفَلِيَّةٌ عَلَى الرَّأْسِ بَعْدِي أَوْ تَرَائِبُ وُضَّحُ١
فإن النوفلية هنا ليست امرأة، وإنما هي مِشْطَة تعرف بالنوفلية.
وأما قوله :
وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا٢
ففيه شيئان يُؤنّسان، وواحد يُوحش منه.
أما المؤنسان فأحدهما أنه تأنيثٌ لفظي لا حقيقي، والآخر أنه لا علامة تأنيث في لفظه. وأما الموحش فهو أن الفاعل مضمرٌ، وإذا أضمر الفاعلُ في فعله وكان الفاعل مؤنثا لم يحسن تذكير فعله حُسْنَه إذا كان مظهرا؛ وذلك أن قولك : قام هند أعذر من قولك : هند قام، من قبل أن الفعل٣ منصبغ [١١٣و] بالفاعل المضمر فيه أشد من انصباغه٤ به إذا كان مظهرا بعده. فقام هند - على صبغة - أقرب مأخذا من هند قام لما ذكرناه؛ وذلك أنك إذا قلت : قام فإلى أن تقول : هند فاللفظ الأول مقبول غير ممجوج؛ لأن الفعل أصل وضعه على التذكير فإذا قلت : هند قام فالتذكير الآتي من بعده مخالف للتأنيث السابق فيما قبل، فالنفس تعافه لأول استماعه. وقولك : قام هند، النفس تقبل تذكير الفعل أول استماعه إلى أن يأتي التأنيث فيما بعد. وقد سبق تذكير الفعل على لفظ غير مأبي ولا مرذول، ورد الغائب ليس كاستئناف الحاضر، فذلك فرق.
٢ لعامر بن جوين الطائي، من الخلعاء الفتاك. وقبله.
فلا مزنة ودقت ودقها
والمزنة : السحابة. وودقت : أمطر. وأبقلت الأرض : نبت بقلها. والبقل : ما ينبت في بزره، لا في أصل ثابت. وانظر الكتاب : ١ : ٢٤٠، والخزانة : ١ : ٢١ وما بعدها.
٣ في ك : للفعل، وهو تحريف.
٤ في ك : صبغة، وهو تحريف.