أي : قد امتلأت عينها نِقْيًا١، فارتوت وحسنت، وقيل أيضا : امرأة حدراء ورجل أحدر. وقد حدرت عينه تحدر، وعليه قول الفرزذق :
وأنكرْتَ مِنْ حَدْراء ما كُنْتَ تَعْرِف٢
ومن ذلك قراءة الأعرج وعبيد بن عمير :"لَمُدَّرَكُون"٣، بالتشديد.
قال أبو الفتح : أدركتُ الرجل، وادَّرَكْتُهُ، وادَّرَكَ الشيءُ إذا تتابع ففني. وقال الحسن في قول الله تعالى :"بَلِ ادَّرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ"٤، قال : جهلوا علم الآخرة، أي : لا علم عندهم في أمر الآخرة، معناه بل أسرع وخف، فلم يثبت، ولم تطمئن لليقين به قدم.
ومن ذلك قراءة عبد الله بن الحارث :"وَأَزْلَقْنَا"٥، بالقاف.
قال أبو الفتح : من قرأ :"وَأَزْلَفنَا" بالفاء فالآخرون موسى عليه السلام وأصحابه، ومن قرأها بالقاف فالآخرون فرعون وأصحابه، أي : أهلكنا ثَمَّ الآخَرين، أي : فرعون وأصحابه.
ومن ذلك قراءة قتادة :"هَلْ يُسْمِعُونَكُم"٦.
قال أبو الفتح : المفعول هنا محذوف، أي : هل يسمعونك إذ تدعون جوابا عن دعائكم؟ يقال : دعاني فأسمعته، أي : أسمعته جواب دعائه.
وأما قراءة الجماعة :﴿هَلْ يَسْمَعُونَكُم﴾ فإن "سمعت" بابها أن تتعدى إلى ما كان صوتا مسموعا، كقولك : سمعت كلامك، وسمعت حديث القوم. فإن وقعت على جوهر تعدت إلى مفعولين، ولا يكون الثاني منهما إلا صوتا، كقولك : سمعت زيدا يقرأ، وسمعت محمدا يتحدث. ولا يجوز سمعت زيدا يقوم؛ لأن القيام ليس من المسموعات.
٢ صدره :
عزفت بأعشاش وما كدت تعزف
وعزف عن اللهو : لم يشتهه، وعن النساء : لم يصبُ إليهن. وأعشاش : موضع في بلاد بني تميم لبني يربوع بن حنظلة، والبيت مطلع إحدى نقائضه. الديوان : ٥٥١، ومعجم البلدان.
٣ سورة الشعراء : ٦١.
٤ سورة النمل : ٦٦.
٥ سورة الشعراء : ٦٤.
٦ سورة الشعراء : ٧٢.