ثم أدغم فصار "يَحِطِّمَنَّكُم". ويجوز في العربية كسر الياء إتباعا لكسرة الحاء؛ فقال يحطمنكم. ومثله قول العجلي :
تَدَافُعُ الشَّيبِ ولم تِقِتِّلِ١
يريد : تَقتتل، ثم غير ذلك على ما تقدم.
يقال : حَطَمَه يَحْطِمه حَطْما : إذا كسره، وحطَّمه يُحَطِّمه، واحْتَطَمَه يَحْتَطِمُه احتطاما ويغيَّر الماضي واسم الفاعل والمصدر على الصنعة التي تقدمت في "يَحَطِّمَنَّكُم".
فمن قال : يَحَطِّم قال : حَطَّم، ومن قال : يَحِطِّمُ قال : حِطِّمَ.
ومن أتبع الأول يِحِطِّم أتبع الآخر هنا، فقال : حِطِّمَ. وعليه أنشد قطرب فيما روينا عنه أو غيره.
لا حِطِّبَ القَوْمَ ولا القَومَ سَقَى١
يريد : احتطب.
ويقول في اسم الفاعل على يَحَطِّم : مُحَطِّم، وعلى يَحِطِّم : مُحِطِّم.
ومن كسر الأول إتباعا، فقال : يحِطِّمُ لم٢ يكسر الميم؛ لأن اسم المفعول والفاعل من هذا ونحوه لا يكون إلا مضموم الأول، وعليه قال :"وَجَاءَ الْمُعَذِّرُون"٣، و"الْمُعِذِّرُون". وتتبع العينُ الميم، فيقال :"الْمُعُذِّرُون". وعليه أيضا يقال : مُخُطِّفٌ، والأصل في جميعه المعتذرون. ويقول في المصدر على يَحَطِّم ويَحِطِّم جميعا : حِطَّامًا.
ومن كسر هناك لالتقاء الساكنين [١١٩و] كسر هنا أيضا، فقال : حِطَّاما؛ لئلا تنكسر الطاء، فتبدل الألف بعدها ياء، فتقول : حِطِّيمًا، فيزول حديث المصدر بانقلاب ألفه. وليس في حِطِّم ألف؛ فتنقلب لكسرة الطاء إلى غيرها.
ومن قال :"وَجَاءَ الْمُعُذِّرُون"، فضم العين لم يقل حُطاما؛ لأنه ليس معه في حُطَّاما ضمة مثل الميم فتتبَعها الحاء مضمومةً، وكذلك "مُرَدِّفِين" "ومُرِدِّفِين" ومُرُدِّفين، الحكم واحد.

١ انظر المحتسب : ١ : ٥٩.
٢ في ك : ثم، وهو تحريف.
٣ سورة التوبة : ٩٠.


الصفحة التالية
Icon