وحكى يونس عنهم١ في السوق : الصوق، وروينا عن الأصمعي، قال : تنازع رجلان في السقر، فقال أحدهما : بالصاد، والآخر : بالسين، فتراضيا بأول من يجتاز بهما، فإذا راكب يوضع، فسألاه، فقال : ليس كما قلت ولا كما قلت، إنما هو الزقر.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود :"وَبَحْرٌ يُمِدُّهُ٢"، وهي قراءة طلحة بن مصرف.
وقرأ جعفر بن محمد :"والبَحْرُ مِدَادُه" "١٢٥ظ".
وقرأ الأعرج الحسن :"والبَحْرُ يُمِدُّه"، برفع الياء.
قال أبو الفتح : في إعراب هذه الآية نظر؛ وذلك أن هناك حذفا، فتقديره : فكتب بذلك كلمات الله ما نفدت، فحذف ذلك للدلالة عليه، كما أن قوله ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ٣﴾، أي : فحلق فعليه فدية، فاكتفي بالمسبب، وهو الفدية من السبب، وهو الحلق، ونظائره كثيرة في القرآن وفصيح الكلام.
وأما رفع "بحر" فالابتداء، وخبره محذوف، أي : وهناك بحر يمده من بعده سبعة أبحر. ولا يجوز أن يكون "وبحر" معطوفا على "أقلام"؛ لأن البحر وما فيه من الماء ليس من حديث الشجر والأقلام، وإنما هو من حديث المداد، كما قرأ جعفر بن محمد :"والبَحرُ مِدَادُه".
فأما رفع "البحر" فإن شئت كان معطوفا على موضع "أن٤" واسمها وإن كانت مفتوحة، كما عطف على موضعها في قوله سبحانه :﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾٥، وقد ذكرنا ما في ذلك وكيف يسقط اعتراض من تعقب فيه فيما مضى. ويدل على صحة العطف هنا، وأن الواو ليست بواو حال قراءة أبي عمرو وغيره :"وَالْبَحْرَ يَمُدُّه
"، بالنصب، فهذا عطف على "ما" لا محالة. ويشهد بجواز كون الواو حالا هنا قراءة طلحة بن مصرف :"وَبَحْرٌ يُمِدُّه"، أي : وهناك بحر يمده من بعده سبعة أبحر، فهذه واو حال لا محالة.
٢ سورة لقمان : ٢٧.
٣ سورة البقرة : ١٩٦.
٤ أي من قوله تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ﴾.
٥ سورة التوبة : ٣.