أي : مثل اللذين يصطحبان، أو مثل اثنين يصطحبان، وأن يكون على الصلة أولى من أن يكون على الصفة، فكأن الموضع في هذا الحمل على المعنى إنما بابه الصلة، ثم شُبهت بها الصفة، ثم شُبهت الحال بالصفة، ثم شُبه الخبر بالحال، كذا ينبغي أن يرتب هذا الباب من تنزيل، ولا ينبغي أن يؤخذ بابا سرْدًا وطرْحًا واحدًا؛ وذلك أن الصلة أذهب في باب التخصيص من الصفة لإبهام١ الموصول، فلما قويت الحاجة إلى البيان في الصلة جاء ضميرها من الصلة على معناها، لأنه أشد إفصاحا بالغرض، وأذهب في البيان المعتمد.
فأما ما أنشدَناه أبو علي عن الكسائي من قول الشاعر :
أخو الذيبِ يعوِي والغرابِ ومَن يكنْ شريكَيْهِ تطمعْ نفسُهُ كلَّ مَطْمَعِ٢
ففيه نظر. وكان قياسه : ومن يكن شريكيهما، أو من يكونا شريكيه، وقد كان أبو علي يتعسف هذا، وأقرب ما فيه أن يكون تقديره : وأي إنسان يكونا٣ شريكيه، إلا أنه أعاد إليهما معا ضميرا واحدا، وهو الضمير في "يكن" وساغ ذلك إذ كانت٤ الذيب والغراب في أكثر الأحوال مصطحبين، فجريا مجرى الشيء الواحد، فعاد الضمير كذلك. ومثله قوله :
لمن زحلوقة زل بها العينان تنهلّ٥
ولم يقل : تنهلان؛ لكونهما كالعضو الواحد. ومثله للفرزدق :
٢ من ثلاثة أبيات لغضوب : امرأة من رهط ربيعة بن مالك، تهجو سبيعا. وفي ك "الفرات" مكان "الغراب"، وهو تحريف. وقد أضمر الشاعر ضمير "من" في "يكن" على لفظ الأفراد وهو اسمها، وجاء بـ"شريكيه" خبرا لها على معنى التثنية. وانظر النوادر : ١١٩ والخصائص : ٢ : ٤٢٣.
٣ يكونا شرط "أي" وجوابها محذوف للعلم به من البيت.
٤ كذا في النسختين، كأنه ذهب بالذئب - كدأبه - إلى معنى البهيمة، إذ هي كل ذات أربع قوائم، ولو في الماء، أو كل حي لا يميز.
٥ لامرئ القيس :
ينادي الآخر الأل ألا حلوا ألا حلوا
وروي "زحلوفة" بالفاء، وهي بمعنى الزحلوقة : آثار تزلج الصبيان من فوق التل إلى أسفله، أو مكان منحدر مملس. والأل : الأول، وزل : يزل به من وقف على حافته. شبه امرؤ القيس القبر بالزحلوقة، لأنه مكان انحدار الموتى. وانظر الديوان : ٧٤، والأمالي : ١ : ٤٣ واللسان "زل".