ومن ذلك قراءة ابن محيصن وعكرمة - بخلاف - والحسن - بخلاف - وأبي رجاء :"وَإِنَّ الْيَاسَ"١، بغير همز. "سَلامٌ عَلَى الْيَاسِينَ"٢، بغير همز.
قال أبو الفتح : أما "الياسَ" موصول الألف فإن الاسم منه "يَاسٌ"، بمنزلة باب ودار، ثم لحقه لام التعريف، فصار "الياس"، بمنزلة الباب والدار.
و"الْيَاسِين" على هذا كأنه على إرادة ياء النسب، كأنه الياسيِّين، كما حكى عنهم صاحب الكتاب : الأشْعَرُون والنُّمَيْرُون، يريد الأشعرِيِّين والنُّمَيْرِيِّين. ورُوينا عن قطرب عنهم : هؤلاء زيدون، منسوبون إلى زيد بغير ياء النسبة. وقال أبو عمرو : هلك اليَزِيدُون، يريد ثلاثةً يزيديِّين.
وقد يجوز أن يكون جعل كل واحد من أهل "الياس" ياسًا، فقال :"الياسِين"، كقوله :[١٣٨و].
قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبِينَ قَدِي٣
يريد أبا خبيب وأصحابه، كأنه جعل كل واحد منهم خُبَيْبًا. ونحو منه قولهم : شابَتْ مَفَارِقُه٤، جعل كل جزء من مفرقِه مفرقًا، ثم جمعه على ذلك. وكذلك : امرأةٌ واضحةُ اللبّات٥، جعل كل جزء يجاور اللبة لبة. وقال :
يُطِفْنَ بِجَمَّاءِ المَرَافِقِ مِكسال٦
٢ سورة الصافات : ١٣٠.
٣ لحميد الأرقط، وبعده :
ليس أميري بالشحيح الملحد
ويروى : الخبيبين بالتثنية، يريد عبد الله بن الزبير وابنه خبيبا، وقيل : يريد عبد الله وأخاه مصعبا. وكان عبد الله يكنى بأبي بكر وأبي خبيب، والأول أكثر، ولا يكنيه بالآخر إلا من يريد ذمه. وقدني : لأكتف. ويريد بأميره عبد الملك بن مروان، نفى عنه الشح والإلحاد تعريضا بعبد الله بن الزبير. وكانوا يرمونه بالشح، ويقولون له : الملحد. الكتاب : ١ : ٣٨٧، والدر اللوامع : ١ : ٤٢.
٤ المفارق : جمع مفرق، وهو هنا : موضع افتراق الشعر.
٥ اللبات : جمع لبة، وهي موضع القلادة من الصدر.
٦ لامرئ القيس، وصدره :
وبيت عذارى يوم دجن ولجته
وقبله :
وماذا عليه إن ذكرت أو أنسا كغزلان رمل في محاريب أقيال؟
وخص غزلان الرمل لأنه أحسن من غيرها. والمحاريب : الغرف. والأقيال : الملوك. والدجن : الباس الغيم السماء. والجماء : الغائبة المرافق لكثرة لحمها ونعمتها. وانظر الديوان : ٣٤.