حسرتي. أبدلت الياء ألفا هربا إلى خفة الألف من ثقل الياء، كقولك : يا غلاما ويا صاحبا، أنت تريد : يا غلامي ويا صاحبي. وأنشده منه قوله :
يا بنت عما لا تلومي واهجمي١
وذلك أنه أبدل من ياء "عمي" ألفا، وليس العم منادى. وهذا البدل إنما بابه النداء، كقولك : يا أبا، ويا أما وكان - على هذا - ينبغي ألا يأتي بياء المتكلم بعد الألف؛ لأن هذه الألف إنما هي بدل من ياء الضمير، وليس له هناك ياءان، فهذا وجه إشكال هذا، وهو واضح.
والذي عندي فيه أه جمع بين العوض والمعوض منه، أعني البدل والمبدل منهن كمذهب أبي إسحاق وأبي بكر في قول الفرزدق :
هما نفثا في في من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام٢
أي : مراجعة٣ : وأنه جمع بين الميم والواو، وإنما الميم بدل من الواو. ومثله ما أنشده أبو زيد :
إني إذا ما حدث ألما دعوت يا اللهم يا اللهما٤؟
أصبحت أم الخيار تدعى على ذنبا كله لم أصنع
ويروى "يابنة". وانظر الكتاب : ١ : ٣١٨.
٢ رواية الديوان :
هما تفلافي في من فمويهما على النابح العاوي أشد لجامي
يصف شاعرين من قومه نزع في الشعر إليهما : ويريد بالنابح العاوي من هجاه. وانظر الديوان : ٧٧١، والكتاب : ٢ : ٨٣، ٢٠٢.
٣ المراجعة : الترامي بالحجارة، ويريد هنا الرجم، وجعل من يهجوه كلبا.
٤ روى "لمم" مكان "حدث" و"أقول" مكان "دعوت". واللمم، فتحتين : مقاربة الذنب، وقيل هو الصغائر. ونسبه العيني في مختصر الشواهد :"٣١٢" إلى أبي خراش، وروى قبله :
أن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما؟
قال البغدادي "الخزانة : ١ : ٣٥٨" : وهذا خطأ، فإن هذا البيت الذي زعم أنه قبله بيت مفرد، وليس هو لأبي خراش، وإنما هو لأمية بن أبي الصلت، قاله عند موته. وقد أخذه أبو خراش وضمه إلى بيت آخر، كان يقولهما وهي يسعى بين الصفا والمروة، وهما :
لا هم هذا خامس أن تما أتمه الله وقد أتما
أن تغفر اللهم..
وقد تمثل به النبي صلى الله عليه وسلم، وصار من جملة الأحاديث. ولم يعثر على البيت في ديوان الهذليين.