وخليلا عندنا منصوب بفعل مضمر يدل عليه "مُقْتَوٍ"، وذلك أن افعلّ لا يتعدى إلى المفعول به، فكأنه قال : فإني أخدم، أو أسوس، أو أتعهد، أو استبدل بك خليلا صالحا١. ودل مقتوٍ على ذلك الفعل. وقالوا : اضرابّ الشيء أي : املسّ، وقالوا : اشعانّ رأسه، أي : تفرق شعره، في أحرف غير هذه.
ومن ذلك قراءة٢ الحسن :"وَتَقَلُّبَهُمْ٣"، بفتح التاء والقاف، وضم اللام، وفتح الباء.
قال أبو الفتح : هذا منصوب بفعل دل عليه ما قبله من قوله تعالى :﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ٤﴾، وقوله :﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ٥﴾ : فهذه٦ أحوال مشاهدة، فكذلك "تَقَلُّبَهُمْ" داخل في معناه، فكأنه قال : ونرى أو نشاهد تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. فإن قيل : إن التقلب حركة، والحركة غير مرئية، قيل : هذا غَوْر آخر ليس من القراءة في شيء إلا أنك تراهم يتقلبون، والمعنى مفهوم. وليس كل أحد يقول : إن الحركة لا ترى ولا غرض في الإطالة هنا، لكن ما أوردناه قد مضى على الغرض فيه والمراد منه.
ومن ذلك قراءة ابن محيصن :"ثَلاتٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ٧"، بإدغام ثاء ثلاثة في التاء التي تبدل في الوقف هاء من ثلاثة.
قال أبو الفتح : الثاء لقربها من التاء تدغم فيها، كقولك : ابعث تِّلك، وأغث تِّلك. وجاز الإدغام [٩٤و] وإن كان قبل الأول ساكن لأنه ألف، فصارت كشابّة ودابّة، ولم يدغمها فيها إلا ابن محيصن وحده٨.

١ ويصح أن ينصب بمقتوٍ، على تضمينه معنى متبدل. وانظر الخصائص :"٢ : ١٠٤"
٢ سقط في ك : قراءة الحسن.
٣ سورة الكهف : ١٨.
٤ سورة الكهف : ١٧.
٥ من الآية ١٨ من سورة الكهف.
٦ في ك : هذه.
٧ سورة الكهف : ٢٢.
٨ سقطت "وحده" في ك.


الصفحة التالية
Icon