والمعنى الجامع لتصريف ج ن ن أين وقعت إنما هو الاستخفاء والستر. ومنه الجن، والجنة. والجان، [١٥٣و] والجنان لا ستتار الجن، ومنه المجن - للترس - لسرته، ومنه الجنين لاستتاره في الرحمن ومنه الجنة؛ لأنها لا تكون جنة حتى يكون فيها شجر، وذلك ستر لها، والجنان : روح القلب لاستتار ذلك، والجنن : القبر، وعليه بقية الباب.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ومنصور بن المعتمر١ وطلحة :"اللَّات٢".
قال أبو الفتح : روينا عن قطرب : كان رجل بسوق العكاظ٣ يلت السويق والسمن عند صخرة، فإذا باع السويق والسمن صب على الصخرة، ثم يلت. فلما مات ذلك الرجل عبدت ثقيف تلك الصخرة، إعظاما لذلك الرجل صاحب السويق. قال أبو حاتم : كان رجل يلت لهم السويق، فإذا شرب منه أحد سمن، فعبدوا ذلك الرجل. وحكى أبو الحسن فيها "أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ"، بكسر التاء. وذهب إلى أنها بدل من لام الفعل٤، بمنزلة التاء في كبت٥ وذيت، وأن الألف قبلها عين الفعل، بمنزلة ألف شاة وذات مال.
ومن ذلك قراءة النبي "صلى الله عليه وسلم" :"الَّذِي وَفَّى٦"، خفيفة. واختلف عنه، وهو قراءة أبي أمامة وسعيد بن جبير وابن السميفع وأبي مالك.
٢ سورة النجم : ١٩.
٣ في ك : عكاظ.
٤ قال أبو حيان : والتاء في اللات قيل : أصلية لام الكلمة كالباء في باب، وألفه منقلبة - فيما يظهر - من ياء، لأن مادة ليت موجودة. فإن وجدت مادة لوت جاز أن يكون منقلبة عن واو. وقيل : التاء للتأنيث، ووزنها فعلة من لوى، قيل : لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة. أو يلتوون عليها، أي يطوفون حذفت لامها. البحر : ٨ : ١٠٦.
٥ قال الليث : تقول العرب : كان من الأمر كيت، وكات. قال : وهذه التاء في الأصل هاء، مثل ذيت. والأصل كية وذية. فصارت تاء في الوصل. انظر اللسان "كيت"
ونقول : إن محاولة تصريف أمثال هذه الكلمات المجهولة الأصل تكلف لا غناء فيه. ولا حاجة ماسة إليه.
٦ سورة النجم : ٣٧.