في اسم الفاعل لما لم يظهر إلى اللفظ جرى مجرى [١٥٥و] ما لا ضمير فيه، فقيل : في تثنيته : قائمان، كما قيل : فرسان ورجلان، بل إذا كان اسم الفاعل قد يظهر ضميره إذا جرى على غير من هو له، ثم أجرى مع ذلك مجرى ما لا ضمير فيه لما لم يظهر في بعض المواضع - كان ما لا يظهر فيه الإعراب أصلا أحرى بأن يسقط الاعتداد به، والكلام هنا فيه طول، وهذا كتاب شرطنا فيه اختصاره؛ ليقرب على القرأة فهمه، فمنع ذلك من تقصيه وإغراق مدى القول فيه.
ومن ذلك قراءة بلال بن أبي بردة١ :"وَلا تُخْسِرُوا٢"، بفتح التاء والسين.
وقرأ بلال أيضا :"وَلا تُخْسِرُوا"، من خسر يخسر، بخلاف.
قال أبو الفتح : أما تخسروا - بفتح التاء والسين - فينبغي أن يكون على حذف حرف الجر، أي : تخسروا في الميزان، فلما حذف الجر أفضى إليه الفعل قبله، فنصبه؛ كقوله "تعالى" :﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ٣﴾، أي : في كل مرصد، وعلى كل مرصد، وكقوله :
بأسرع الشد مني يوم لانية لما لقيتهم واهتزت اللمم٤
أراد بأسرع في الشد، فحذف الحرف وأوصل "أسرع"، أو فعلا دل عليه أسرع هذه٥. وأما "تخسروا"، بفتح التاء، وكسر السين فعلى خسرت الميزان، وإنما المشهور أخسرته. خسر الميزان، أي : نقص، وأخسرته. ويشبه أن يكون لغة في أخسرته، كما يشترك فيه فعلت وأفعلت من المعنى الواحد، نحو أجبرت الرجل وجبرته، أهلكت الشيء هلكته.
٢ سورة الرحمن : ٩.
٣ سورة التوبة : ٥.
٤ لمالك بن خالد الخناعي. وأنشد : العدو. والنية : الفترة والتعب، مصدر وفي اللسان "شد".
٥ في اللسان "شد" أيضا : يريد بأسرع شدا مني، فزاد اللام كزيادتها في بنات الأوبر.