ومن ذلك قراءة أبي بن كعب وابن مسعود :"وَحُورًا عِينًا١".
قال أبو الفتح : هذا على فعل مضمر، أي : ويؤتون، أو يزوجون حورا عينا، كما قال :﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ٢﴾، وهو كثير في القرآن والشعر.
ومن ذلك قرأ :"إِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا٣ إنا"، على الخبر كلاهما بلا استفهام.
قال أبو الفتح : مخرج هذا منهم على الهزء، وهذا كما تقول لمن تهزأ به، إذا نظرت إلي مت منك فرقا، وإذا سألتك جممت لي بحرا، أي : الأمر بخلاف ذلك، وإنما أقوله هازئا. ويدل على هذا شاهد الحال حينئذ، ولولا شهود الحال لكان حقيقة لا عبثا، فكأنه قال : إذا متنا وكنا ترابا بعثنا. ودل قوله :﴿إِنَّا لَمَبْعُوثُون﴾ على بعثنا ولا يجوز أن يعمل فيه "مبعوثون" لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها.
ومن ذلك قراءة الحسن والثقفي :"فَلأقْسِم"، بغير ألف.
قال أبو الفتح : هذا فعل الحال، وهناك مبتدأ محذوف، أي : لأنا أقسم، فدل على ذلك أن جميع ما في القرآن من الأقسام إنما هو على حاضر الحال، لا وعد الأقسام، كقوله "سبحانه" :﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون٥﴾، و﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا٦﴾، وكذلك حملت "لا" على الزيادة في قوله :﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾، ونحوه. نعم، ولو أريد الفعل المستقبل للزمت فيه النون، فقيل : لأقسمن، وحذف هذه النون هنا ضعيف جدا.
٢ من قوله تعالى :﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾. سورة الدخان : ٥٤.
٣ سورة الواقعة : ٤٧.
٣ سورة الواقعة : ٧٥.
٤ سورة التين : ١.
٦ سورة الشمس : ١.