ومثله مما كسر من من فعال على فعال قولهم : ناقة هجان١ ونوق هجان، ودرع دلاص٢ وأدرع دلاص. ويدل على أن هجانا ليس لفظا واحد يقع على الواحد فما فوقه كجنب وبابه - قولهم : هجانان، وهذا واضح.
وإنما جاز تكسير فعال على فعال من حيث كانت فعال أخت فعيل. ألا ترى كل واحد منهما ثلاثيا وقيل لامه حرف لين؟ فكما كسر فعيل على فعال كشريف وشراف، وكريم وكرام - كذلك أيضا جاز تكسير فعال على فعال، وكما أن ألف جدار في الواحد ليست ألف جدار في الجمع - فكذلك كسرة الجيم فيه غير كسرته فيه، وفتحة الدال فيه غير فتحته فيه، كما أن كسرة الشين في شراف غير فتحتها في شريف، وكما أن فتحة الدال في جدار غير كسرة الراء من شريف.
فهذا الخلاف لفظا هو الذي سوغ اعتقاد المتفقين لفظا مختلفين تقديرا ومعنى.
وهذا غور من العربية بطين، وله نظائر كثيرة، وفيه صنعة لطيفة، وقد أفردنا له بابا في كتابنا الخصائص فيما اتفق لفظه واختلف معناه من الحروف والحركات والسكون٣، ومثله سواء قول الله "تعالى" :﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا٤﴾، يكون "إمام" مع إمام، على ما شرحناه في جدار. وذهب أبو الحسن إلى أنه جمع آم، كقائم وقيام.
ومن ذلك قال ابن مجاهد وأبو حاتم عن يعقوب، قال : سمعت أعرابيا يكنى أبا الدينار عند الكسائي يقرأ :"الْقَدُّوس"، بفتح القاف.
قال أبو الفتح : فعول في الصفة قليل، وذكر سيبويه في الصفة السبوح، والقدوس، وحكى
٢ درع دلاص : ملساء لينة.
٣ الخصائص : ٢ : ٩٣ - ١٠٣، وعنوان الموضوع هناك : باب في اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين في الحروف والحركات والسكنات.
٤ سورة الفرقان : ٧٤.
٥ سورة الحشر : ٢٣.