فالعمل فيها مكرر على قدر سمعتها، فهو كقولك : قطعت الشاة؛ لأنه١ أعضاء يخص كل عضو منها عمل، وكذلك نظائر هذا.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وزيد بن أسلم وقتادة وزيد بن علي :"إِلَّا مَنْ تَوَلَّى٢"، بالتخفيف.
قال أبو الفتح :"ألا" افتتاح كلام، "وَمَن" هنا شرط، وجوابه "فَيُعَذِّبُهُ اللَّه"، كقولك : من قام فيضربه زيد، أي : فهو يضربه زيد. كذلك الآية، أي : من يتول ويكفر فهو يعذبه الله، لا بد من تقدير المبتدأ هنا؛ وذلك أن الفاء إنما يؤتي بها في جواب الجزاء بدلا من الفعل الذي يجاب به، فإذا رأيت الفاء مع الفعل الذي يصلح أن يكون جوابا للجزاء فلا بد من تقدير مبتدأ محذوف هناك؛ لأنه لو أريد الجواب على الظاهر لكان هناك فعل يصلح له، فكان يقال : ألا من تولى وكفر يعذبه الله، كقولك : من يقم أعطه درهما. ولو دخلت الفاء هنا لقلت من يقم فأعطيه درهما، أي : فأنا أو فهو أعطيه درهما، فهو كقول الله "سبحانه" :﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْه٣﴾، أي : فهو ينتقم الله منه.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر يزيد :"إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ٤"، بالتشديد.
قال أبو الفتح : أنكر أبو حاتم هذه القراءة، وقال : حملها على نحو "كذبوا كذبا٥"، قال : وهذا لا يجوز؛ لأنه كان يجب إوابا؛ لأنه فعال، قال : ولو أراد ذلك لقال : أبوابا، فقلب الواو ياء للكسرة قبلها، كديوان، وقيراط، [١٦٦و]، ودينار؛ لقولهم : دواوين، وقراريط، ودنانير.
٢ سورة الغاشية : ٢٣.
٣ سورة المائدة : ٩٥.
٤ سورة الغاشية : ٢٥.
٥ سورة النبأ : ٢٨.