بكسر الحاء ألبتة. ولم يضموها، وغذّ١ العرقُ الدمَ يغِذُّه ويغُذُّه، وتمَّ الحديث يتِمُّه ويتُمُّه، وشَدَّ الحبل يشِدُّه ويشُدُّه. في أحرف سوى هذه. وكذلك يكون "أهش" كقراءة من قرأ :"أهُشُّ"، بضم الهاء، والشين معجمة.
وأما "أهُسُّ" بالسين غير معجمة فمعناه أسوق : رجل هساس. أي : سواق.
فإن قلت : فكيف قال :"أهسُّ بها على غنمي؟"، وهلا قال : أهسُّ بها غنمي. كقولك : أسوق بها غنمي؟
قيل : لما دَخَلَ السَّوقَ معنى الانتحاءِ لها والميل بها عليها استعمل معها "على"، حملا على المعنى، وقد ذكرنا من هذا فيما مضى صدرا صالحا٢. ومن ذلك قولهم : كفى بالله أي كفى الله. إلا أنهم زادو الباء حملا على معناه؛ إذ كان في معنى اكتف بالله. ولذلك قالوا حسبك به لما دخله معنى اكتف به. ولذلك أيضا حذفوا خبره في قولهم : حسبك لما دخله معنى اكتف، والفعل لا يخبر عنه، ونظائره كثيرة جدا.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر يزيد :"وَلْتُصْنَعَ عَلَى"٣ بجزم اللام والعين.
وقرأ :"ولِتَصْنَعَ". بفتح التاء والعين. وكسر اللام - أبو نهيك.
قال أبو الفتح : ليس دخول لام الأمر هنا كدخولها في قراءة النبي "صلى الله عليه وسلم" وغيره ممن قرأها معه :"فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا"٤ بالتاء. وفرق بينهما أن المأمور في "فلتفرحوا" مخاطب، وعرف ذلك وعادته أن يحذف حرف المضارعة فيه. كقولنا : قُمْ، وقعد، وخُذْ
، وسِرّ، وبع، وأما "ولتصنع فإن المأمور غائب غير مخاطب. فإنما هو كقولنا : ولتعن بحاجتي. ولتوضع٥ في تجارتك؛ لأن العاني بها والواضع فيها غيرهما. وهما المخاطبان٦. فهذا كقولك : ليضرب زيد ولتضرب هند.
٢ انظر الصفحتين : ٥٣، ١٣٦ من الجزء الأول.
٣ سورة طه : ٣٩.
٤ سورة يونس : ٥٨. والقراءة بالتاء قراءة أبي وأنس رضي الله عنهما. انظر الإتحاف : ١٥٢.
٥ وضع في تجارته وأوضع : خسر.
٦ لأن الفعلين مبنيان للمجهول.