وقرأ :"حَطَبُ جَهَنَّمَ" علي بن أبي طالب وعائشة "عليهما السلام" وابن الزبير وأبي بن كعب وعكرمة.
قال أبو الفتح : أما الحَضَبُ١ بالضاد مفتوحة، وكذلك بالصاد غير معجمة فكلاهما الحطب، ففيه ثلاث لغات : حَطَبُ، وحَضَبُ، وحَصَبُ، وإنما يقال : حَصَبٌ إذا ألقي في التنور والموقد. فأما ما لم يستعمل فلا يقال له : حصب. وقال أحمد بن يحيى : أصل الحَصْب الرمي، حطبًا كان أو غيره. [١٠٣و] فهذا يؤكد ما ذكرناه من كونه المرمي في النار.
قال الأعشى :
فًلا تَكُ في حَرْبِنًا مِحْضَبًا لِتَجْعَلَ قوْمَكَ شَتَّى شُعُوبَا٢
فأما "الحَصْب" ساكنا بالصاد والضاد فالطرح، فقراءة من قرأ :"حَضْبُ جَهَنَّمَ" و "حَصْبُ جَهَنمَ" بإسكان الثاني منهما إنما هو على إيقاع المصدر موقع اسم المفعول. كالخلق في معنى المخلوق، والصيد في معنى المصيد. وقد تقدم ذكر ذلك٣.
ومن ذلك قراءة أبي زرعة٤ :"السُجُلِّ"٥ بضم السين والجيم، مشددة. وهذا أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وكان قد قرأ على أبي هريرة.
وقرأ :"كَطَيِّ السِّجْلِ"، بكسر السين، ساكنة الجيم، خفيفة اللام - الحسن، وأجازه أبو عمرو، وحكاه عن أهل مكة.
وقرأ أبو السمال :"السَّجْل"، بفتح السين والجيم ساكنة، واللام خفيفة.
قال أبو الفتح : السَّجْل : الكتاب، ويقال : هو كتاب العهدة ونحوها. وقال قوم : هو
٢ المحضب : المسعر، وهو عود تحرك به النار عند الإيقاد. رواه اللسان منسوبا إلى الأعشى أيضا، ولم نعثر عليه في ديوانه، ورواه البحر "٦ : ٣٤٠"، وفيه "فتجعل" مكان "لتجعل".
٣ انظر الصفحة ٦٢ من هذا الجزء.
٤ هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، قيل : اسمه هرم، وقيل : عبد الله، وقيل غيرهما، رأى عليا - رضي الله عنه - وروى عن جده وأبي هريرة ومعاوية وغيرهم، وروى عنه عمه إبراهيم بن جرير وإبرهيم النخعي والحارث العكلي وغيرهم. وكان من علماء التابعين الثقات وأهل الصدق. تهذيب التهذيب : ١٢ : ٦٩.
٥ سورة الأنبياء : ١٠٤.