فَالْهَيْهُ : المرقّع من الناس المرذول الذي يقال له في إبعاده : هَيْهْ. فسمي بالصوت الذي يقال، كما قال الآخر
إذَا حَمَلْتُ بِزَّتِي عَلَى عَدَسْ فَما أُبالِي مَن مَضَى وَمَن جَلَسْ١
يعني البَغْل؛ لأنه يقال له في الزجر : عَدَسْ. قال :
عَدَسْ ما لِعَبادٍ عليكَ إمارَةٌ نَجَوْتٍ وهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ٢
فَالْهَيْهُ - كما ترى - ثلاثي، وهيهات - على ما مضى - رباعي، فاللفظان أخوان، والمعنيان متقاربان؛ لأن هيهاة اسم بَعُدَ وهَيْهْ زجرٌ٣ وإبعادٌ ونظير هَيْهْ وهَيْهَاهْ قولهم : سَلِسَ وسَلْسَلَ، وقَلِقَ وقَلْقَلَ، وجَرِجَ٤ وجَرْجَرَ. وسألني أبو علي يوما فقال : أي شيء مثل غَوْغاء وغَوْغَاء؟ فقلت له : قولهم للمنخوب٥ : هُوهٌ وهَوْهَاءةٌ. وينبغي أن يضاف إلى ذلك ما ذكرناه الآن من قولهم : هَيْه وهَيْهَاتْ.
ومن ذلك قراءة الحر النحوي :"نُسْرِعُ لَهُمْ"٦، وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة٧ :"يُسَارِعُ لهم"، وروي عنه أيضا :"يُسَارَعُ لهم" بفتح الراء، والذي قبله بكسر الراء وقراءة الناس :"نُسَارِعُ" بالنون والألف.
على التي بين الحمار والفرس
والبزة : السلاح. وانظر الخزانة : ٢ : ٥١٧.
٢ ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري، وكان يزيد حليفا لقريش، فلما ولي سعيد بن عثمان بن عفان خراسان استصحبه؛ فلم يصحبه يزيد، وصحب زياد بن أبي سفيان فلم يحمده، وأتى عباد بن زياد فكان معه. وكان عباد طويل اللحية عريضها، فركب ذات يوم وابن مفرغ معه في موكب، فهبت الريح فنفشت لحية عباد فقال ابن مفرغ :
ألا ليت اللحى كانت حشيشا فترعاها خيول المسلمينا
فبلغ ذلك عبادا فحقد عليه وجفاه، فهجاه يزيد، فأخذه عبيد الله بن زياد وحبسه وعذبه في خبر طويل. وانظر الخزانة : ٢ : ٥١٤.
٣ ساقطة في ك.
٤ جرج الخاتم في أصبعه : جال، وقلق لسعته.
٥ رجل منخوب : جبان.
٦ سورة المؤمنون : ٥٦.
٧ هو عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي، أول مولود بالبصرة روى عن أبيه، وروى عنه ابن سيرين وجماعة. وثقه أحمد. مات سنة ١٣٦. خلاصة تذهيب الكمال : ١٣٧، وتهذيب التهذيب : ٧ : ٤١٥.