رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}١، أي : احفظوا ناقة الله. ويؤنس بإضمار ذلك ظهوره٢ في قوله تعالى :﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾٣. فإذا كان تقديره هذا فقوله :﴿أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ إلى آخر ذلك منصوب الموضع لكونه صفة لـ"سورة". وإذا جعلت "أنزلناها" تفسيرا للفعل الناصب المضمر فلا موضع له من الإعراب أصلا، كما أنه لا موضع من الإعراب لقوله : أنزلنا سورة؛ لأنه لم يقع موقع المفرد، وهذا واضح.
وأما قراءة الجماعة :"سُورَةٌ"، بالرفع فمرفوعه بالابتداء، أي : فيما يُنزّل إليكم وما يتلى عليكم سورة من أمرها كذا، فالجملة بعدها٤ إذًا في موضع رفع؛ لأنها صفة لسورة.
ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي :"الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ"، بالنصب.
قال أبو الفتح : هذا منصوب بفعل مضمر أيضا، أي : اجلدوا الزانية والزاني، فلما أضمر الفعل الناصب فسره بقوله :﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾. وجاز دخول الفاء في هذا الوجه لأنه موضع أمر، ولا يجوز : زيدا فضربته؛ لأنه خبر. وساغت الفاء مع الأمر لمضارعته الشرط، ألا تراه دالا على الشرط؟ ولذلك انجزم جوابه في قولك : زرني أزرك، لأن معناه زرني؛ فإنك إن تزرني أزرك. فلما آل معناه إلى الشرط. جاز دخول الفاء في الفعل المفسر للمضمر، فعليه تقول : بزيد فامرر، وعلى جعفر فانزل.
ولا موضع لقوله تعالى :﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾؛ لأنه تفسير، ولا يكون وصفا لـ"الزانيةَ" "والزانيَ" من حيث كانت المعرفة لا توصف بالنكرة، وكل جملة فهي نكرة. وأيضا فإن الأمر لا يوصف به كما لا يوصف بالنهي ولا بالاستفهام؛ لاستبهام كل واحد من ذلك لعدم الخبر منه. وأيضا فإن الموصوف لا تعرض بينه وبين صفته الفاء، لا تقول : مررت برجل فيضرب زيدا؛ وذلك لأن الصفة تجري مجرى الجزء من الموصوف، وجزء الشيء لا يعطف على ما مضى منه.
٢ أي ظهور فعل الحض على القراءة والتدبر.
٣ سورة محمد : ٢٤.
٤ في ك : إذا بعدها.
٥ سورة النور : ٢.