ومنه أيضاً قوله تعالى: ((إنى متوفيك ورافعك إلى )) (١) وهو قول الله تعالى لسيدنا عيسى عليه السلام، اختلف فيه على أقوال:
فقيل: هو من المقدم والمؤخر، أى رافعك إلى ومتوفيك وهذا على أساس أن المراد بالتوفى هنا الموت، إذ قرر القرآن ذلك فى آية أخرى ((وما قتلوه يقينا ٠ بل رفعه الله إليه)) (٢)
فنفى القرآن عنه القتل، وأثبت له الرفع، فدل على أنه رفع حياً.
وقيل : ليس المراد بالتوفى هنا قبض الروح وانتهاء الأجل، بل هو استيفاء الحق أى موفيك حقك ورافعك.
وقيل: إن التوفى هنا هو النوم، وفى القرآن الكريم ما يؤيد هذه التسمية، قال تعالى: ((الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها)) (٣)
فعلى الرأى الأول يكون فى الكلام تقديم وتأخير، وعلى الرأيين الآخرين فالكلام على ترتبيه.
وأما السبب الحادى العشر:
وهو احتمال أن يكون الحكم منسوخاً أو محكماً، فمثاله: اختلافهم حول قوله تعالى: ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)) (٤)
قال ابن الجوزى: اختلف المفسرون فى معنى الآية على قولين:
الأول: أنه يقتضى التخيير بين الصوم والإفطار مع الإطعام ؛ لأن معنى الكلام وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية. فعلى هذا يكون الكلام منسوخاً بقوله تعالى: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه))(٥) وهو منقول عن كثير من السلف.
الثانى: أنه محكم وغير منسوخ وأن فيه إضماراً تقديره: وعلى الذين كانوا يطيقونه أو لايطيقونه - هذا تقدير آخر - فدية. واشير بذلك إلى الشيخ الفانى الذى يعجز عن الصوم والحامل التى تتأذى بالصوم والمرضع. وهو رأى منسوب إلى بعض السلف.(٦)

(١) سورة آل عمران: ٨٥.
(٢) سورة النساء: ١٥٧، ١٥٨.
(٣) سورة الزمر: ٤٢.
(٤) سورة البقرة: ١٨٤.
(٥) سورة البقرة: ١٨٥.
(٦) نواسخ القرآن لابن الجوزى - ص٦٥: ٦٩ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon