وذلك كاختلاف القراء فى وجوه النطق بالحروف والحركات، كمقادير المد والإمالات، والتخفيف والتسهيل والتحقيق والجهر والهمس، والغنة والإخفاء.
ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء اللغة العربية ما لم يحفظه غيرها، وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف فى مخرجها وصفاتها، وبيان اختلاف العرب فى لهجات النطق، وهذا غرض مهم جداً لكنه لا علاقة له بالتفسير لعدم تأثيره فى اختلاف معانى الآى.
ثانيهما: قراءات يؤثر اختلافها فى التفسير:
وذلك مثل اختلاف القراء فى حروف الكلمات مثل ((مالك يوم الدين)) و ((ملك يوم الدين)) وكذلك اختلاف الحركات، الذى يختلف معه معنى الفعل كقوله سبحانه: ((ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون)) حيث قرأ نافع "يصُدون" بضم الصاد، وقرأ حمزة "يصِدون" بكسر الصاد.
والأولى بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم فى أنفسهم، وكلا المعنيين حاصل منهم. (١) مثل ذلك مؤثر فى التفسير، لأن ثبوت أحد اللفظين فى قراءة قد يبين المراد عن نظيره فى القراءة الأخرى أو يثير معنى غيره، ولأن اختلاف القراءات فى ألفاظ القرآن يكثر المعانى في الآية الواحدة.
وقال المحقق ابن الجزرى في ذلك : قد تدبرنا اختلاف القراءات فوجدناه لا يخلو من ثلاثة أحوال :
أحدهما: اختلاف اللفظ لا المعنى كالاختلاف فى ألفاظ (الصراط (٢)، يؤوده (٣)، القدس(٤)) ونحو ذلك مما يطلق عليه أنه لغات فقط.

(١) راجع فى ذلك تفسير التحرير والتنوير - ١/٤٦ وما بعدها بتصرف.
(٢) سورة الفاتحة: ٥
(٣) سورة البقرة: ٢٥٥
(٤) سورة النحل: ١٠٢


الصفحة التالية
Icon