وقد كان من الممكن أن نجعل الحديث عن كون تعدد أسباب النزول مما لا يعتد به فى الخلاف بين المفسرين، كان من الممكن أن نجعله صورة مستقلة لكننا أدرجناه هنا لمناسبته للصورة المذكورة فى الترجمة من جهة كون سبب النزول مثالاً من أمثلة، وفرداً من أفراد تشملهم الآية أو الآيات ممن يتشابهون مع نفس الشخص الذى نزلت فيه الآيات من جهة كونهم قد وقع لهم ما وقع له.
الصورة الثانية
أن يذكر فى النقل أشياء تتفق فى المعنى مع اختلاف الألفاظ والتعبيرات بينما ترجع فى الواقع إلى معنى واحد، فينقل ذلك كله على أنه خلاف وهو فى الحقيقة تفسير واحد، وقد قال فى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حكاية لهذه الصورة، وإشارة إلى أنها من خلاف التنوع قال:
- ومما يرجع إلى اختلاف التنوع:- أن يعبر كل واحد - من المفسرين - عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى فى المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى. وذلك كما قيل فى اسم السيف: الصارم والمهند.
ومثاله أسماء الله الحسنى وأسماء رسوله - ﷺ - وأسماء القرآن، فأسماء الله الحسنى كلها على مسمى واحد، فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضاداً لدعائه باسم آخر، والحاصل: أن كل اسم من أسماء الله تعالى الحسنى يدل على ذاته وعلى ما فى الاسم من صفاته، ويدل أيضاً على الصفة التى فى الاسم الآخر بطريق اللزوم، وكذلك أسماء النبى - ﷺ - مثل محمد وأحمد والماحى والعاقب والحاشر.
وكذلك أسماء القرآن كالفرقان والهدى والشفاء والكتاب (١)