ثم ( إن إطلاق الاسم على كل منهما، واختلافه فيهما، مما يعين أن هذه غير تلك، وقد سمى رسول الله – ﷺ – كلا منهما ) ٢٢
أما قوله ( فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر : بسم الله الرحمن الرحيم ) فإن البسملة لا تخضع لهوى الكتاب إثباتا وحذفا، أخرج أبو داود والحاكم، وصححاه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال :[ ( كان النبي – ﷺ – لا يعلم ختم السورة حتى ينزل : بسم الله الرحمن الرحيم ). وفي رواية :( فإذا نزلت : بسم الله الرحمن الرحيم، علم أن السورة قد انقضت ). قال الحافظ أبو شامة : هذا حديث حسن.] ٢٣
وأما ما قاله المفسرون في أسباب عدم ذكر البسملة في أول سورة براءة، فهو التماس للحكمة، ومن ذلك ما ذكره ابن عربي، عن سر حذف البسملة من بداية سورة التوبة، حيث يقول :( وأما سورة التوبة عند من لم يجعلها من سورة الأنفال، فيجعل لها اسم التوبة، وهي الرجعة الإلهية على العباد بالرحمة، والعطف، فقام اسم التوبة مقام البسملة، فإن الرجعة على عباده تعالى لا تكون إلا بالرحمة.. والله أعلم ) ٢٤
هذا وقد قام الإجماع على أن سورة الأنفال سورة برأسها غير سورة التوبة، ولذا قال الزركشي :( إن سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة بإجماع أهل الحل والعقد ) ٢٥
فالقرآن الكريم كله آية آية، وسورة سورة، مرتب من الله تعالى، وقد بلغه عنه رسوله الأمين – ﷺ –، لصحابته الكرام، فرتبوه كما سمعوه.