٢- إن هناك سورا متحدة في المطلع رتبت ولاء، كالحواميم و الطواسين، ولم ترتب المسبحات تباعا، بل فصل بينهما بالمجادلة، والممتحنة، والمنافقون، وأفردت الاسراء في النصف الأول، وفصل بين الشعراء والقصص، وهما يبدءان ب(طسم )، و ب (طس النمل )مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء، وأخرت ( طس) عن القصص، أما وأنه قد حصل الفصل بين المتماثلات والمتقاربات من السور، مع عدم مراعاة التناسب في الطول والقصر، فهذا يدل على أن الترتيب توقيفي٢٦
٣- إن الذي قام بمهمة النسخ للمصاحف، مع النفر القرشيين في عهد عثمان – رضي الله عنه وأرضاه -، هو زيد بن ثابت، وهو نفسه أشرف على جمع القرآن في الصحف التي نسخت منها المصاحف، على عهد أبي بكر – رضي الله عنه -، وهو كذلك أحد كتاب الوحي، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن، وسمع النبي – ﷺ – يقرأ القرآن على هذا الترتيب، وإلا على أي ترتيب كان الرسول – ﷺ - يقرأ القرآن.. ؟
وقد جعل ابن الزبير الغرناطي هذا الخلاف بين العلماء لفظيا، فقال :( إن كان بتوقيف منه
– ﷺ – فلا مجال للخصم، وإن كان مما فوض فيه الأمر إلى الأمة بعده، فقد أعمل الكل من الصحابة جهده، وهم الأعلياء بعلمه، والمسلم لهم في وعيه وفهمه.) ٢٧
وإذا كانت العلماء قد تباينت آراؤهم ظاهريا، فإن الرأي الراجح أن ترتيبها كان توقيفيا، وذلك لتظافر النصوص على أن الأغلب من سور القرآن معلومة الترتيب وقت نزول الوحي، وأن جبريل – عليه السلام – كان يعرضه على النبي - ﷺ - في العام مرة، وعرضه عليه في العام الذي قبض فيه مرتين.


الصفحة التالية
Icon