كما ( أن هذا الترتيب يقوي الوحدة المعنوية بين سور الكتاب المبين، ويقطع الطريق أمام المشككين والطاعنين. أضف إلى ذلك : إجماع الأمة بدءا من عصر الصحابة على هذا الترتيب، فصار الإلتزام به أمر لا بد منه ). ٢٨
وقد زعم بعض المستشرقين أن القرآن لم يكن مرتبا، وأنه كان مختلطا في عهد الرسول – ﷺ -، وقد رتبه أبو بكر – رضي الله عنه -، لذا استحلوا لأنفسهم أن يجعلوا له ترتيبا خاصا، يختلف عن ترتيب المصحف الحالي في كثير من السور، معتمدين على الأسلوب، ومحتويات السورة. والذي ينظر فيما حاوله المستشرقون بترتيبهم غير المسبوق، يجده عبثا لا يليق بقدسية القرآن الكريم. وقد ظهرت أصوات متأثرة بالدراسات الإستشراقية، تنادي بإعادة ترتيب سور القرآن حسب نزولها، ثم أخفت الله هذه الأصوات، واطمأن المسلمون على ما أجمع عليه الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين -. ٢٩
الفصل الثاني
المناسبات : معناها، أنواعها، وموقف العلماء منها
المبحث الأول : معنى المناسبة لغة، واصطلاحا :
المناسبة لغة : قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة :( النون، والسين، والباء، كلمة واحدة، قياسها اتصال شيئ بشيئ، منه النسب، سمي لاتصاله، وللاتصال به تقول : نسبت أنسب. وهو نسيب فلان. والنسيب : الطريق المستقيم، لاتصال بعضه من بعض.) ٣٠
وقال في لسان العرب :( وتقول : ليس بينهما مناسبة، أي : مشاكلة ) ٣١
والمشاكلة بمعنى : المماثلة. ثقول : هذا شكل هذا، أي : مثله.
فالمناسبة لغة تعني : الإتصال، والمقاربة، والمماثلة.
والمناسبة في الإصطلاح : هي بيان :( وجه الإرتباط بين الجملة والجملة في الآية الواحدة، أو بين الآية والآية في الآيات المتعددة، أو بين السورة والسورة ). ٣٢
أو كما يقول البقاعي :( علم تعرف منه علل ترتيب أجزاء القرآن ) ٣٣