فتراه يذكر طرفا من الشيء، ثم يتركه، ثم يعود إلى إتمامه، بطريقة لا تسأم النفوس هديه، ولا تستثقل حديثه، مراعيا في تسلسل نصوصه أن يقارب بين أفرادها، فتجد الآية متسقة في كلماتها، متآزرة مع أخواتها من الآي، وتلتقي السورة بالتي بعدها، والتي قبلها، برابط لا يجعل منها جنسا غريبا عنها، بل تبدو فيه كعقد نظمت حباته، ورتبت أبدع ترتيب، فكان بذلك معجزا بنظمه، بديعا في اتساقه، متناسبا في آياته، وسوره، وأجزائه.
هذا المنهج الفريد استرعى قلة من العلماء والمفسرين – قديما وحديثا –، فانكبوا على دراسته، وأفردوا له علما مستقلا، يدرس خصائصه، ويحدد معالمه، أطلقوا عليه اسم :( علم المناسبة ). فما المناسبة.. ؟وما أنواعها.. ؟ وما فوائدها.. ؟ وما موقف العلماء منها.. ؟ وما المصنفات التي تكلمت عنها.. ؟ ومن اهتم بذكرها من المفسرين.. ؟ هذا ما سأقوم بالإجابة عنه في هذا البحث. ، الذي نحوت فيه منحى نظريا، على أن يتبعه بحث تطبيقي بإذن الله.
وقد جعلته في مقدمة، وفصلين، وخاتمة، على النحو التالي :
كان الفصل الأول تحت عنوان : ترتيب آيات القرآن، وسوره. وضمنته مبحثين :
تحدثت في المبحث الأول : عن تعريف الآية لغة واصطلاحا. وآراء العلماء في ترتيب الآيات.
وضمنت المبحث الثاني : تعريف السورة لغة، واصطلاحا، وآراء العلماء في ترتيب السور.
وجعلت الفصل الثاني في أربعة مباحث، على النحو التالي :
تحدثت في المبحث الأول : عن معنى المناسبة في اللغة، والاصطلاح.
وتحدثت في الثاني : عن فوائد معرفتها.
وفي المبحث الثالث : عن أنواع المناسبات.
وفي المبحث الرابع : عن موقف العلماء من المناسبة، مع ذكر مصنفاتهم فيها،
وذكرت بعض من اهتم بها من المفسرين.
ثم ختمت البحث بخاتمة بينت فيها أهم نتائج هذا البحث، سائلا المولى - عز وجل - التوفيق والسداد.
الفصل الأول
ترتيب آيات القرآن الكريم.. وسوره