تعد مناسبة الآيات والسور، وارتباط مبانيها، من وجوه إعجاز القرآن الكريم، وهو علم لم يكتب له الظهور إلا في أوائل القرن الرابع الهجري، ويعد أبو بكر النيسابوري أول من سبق إلى هذا العلم، وكان متفقها في الشريعة والأدب، وكان يقول على الكرسي :( لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه.. ؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة ملاصقة للأخرى. ؟ وكان يلقي باللائمة على علماء بغداد لإهمالهم علم المناسبات ) ١٠٤.
والمتدبر لكتاب الله يجد أنه بالرغم من نزوله مفرقا منجما، لكنه تم مترابطا محكما،
قال أبو بكر بن العربي في كتابه ( سراج المريدين ) :( ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة، متسقة المعاني، منتظمة المباني، علم عظيم، لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله عز وجل لنا فيه، فلما لم نجد له حملة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين الله، ورددناه إليه. ) ١٠٥
وقد حظي هذا العلم باهتمام الإمام فخر الدين الرازي( توفي سنة ٦٠٦ هـ )، الذي وصفه بقوله :( إن أكثر لطائف القرآن مودعة فيه.) ١٠٦