كما حاول بعض العلماء إبراز الوحدة الموضوعية للسورة القرآنية، مثل : نابغة الأزهر : الدكتور محمد عبد الله دراز، وتحدث عن ذلك في كتابه العظيم :( النبأ العظيم ) فقال :( واعلم أنه ليس من همنا الآن أن نكشف لك عن جملة الوشائج اللفظية والمعنوية التي تربط أجزاء هذه السورة الكريمة بعضها ببعض، فتلك دراسة تفصيلية لها محلها من كتب التفسير، وإنما نريد أن نعرض عليك السورة عرضا واحدا، نرسم به خط سيرها إلى غايتها، ونبرز به وحدة نظامها المعنوي في جملتها، لكي ترى في ضوء هذا البيان كيف وقعت كل حلقة في موقعها من تلك السلسلة العظمى.... ثم يبين أهمية تحديد عمود السورة قبل الخوض في بيان المناسبات بين أجزائها فيقول : بيد أننا قبل أن نأخذ فيما قصدنا إليه، نحب أن نقول كلمة ساق الحديث إليها، وهي : أن السياسة الرشيدة في دراسة النسق القرآني، تقضي بأن يكون هذا النحو من الدرس هو الخطوة الأولى فيه فلا يتقدم الناظر إلى البحث في الصلات الموضعية بين جزء جزء منه - وهي تلك الصلات المبثوثة في مثاني الآيات ومطالعها ومقاطعها - إلا بعد أن يحكم النظر في السورة كلها، بإحصاء أجزائها، وضبط مقاصدها، على وجه يكون معوانا له على السير في تلك التفاصيل عن بينة...... إلى أن يقول : وبهذا تعرف مبلغ الخطأ الذي يتعرض له الناظرون في المناسبات بين الآيات، حين يعكفون على بحث تلك الصلات الجزئية بينها بنظر قريب إلى القضيتين أو القضايا المتجاورة، غاضين أبصارهم عن هذا النظام الكلي الذي وضعت عليه السورة في جملتها : فكم يجلب هذا النظر القاصر لصاحبه من جور عن القصد. ؟ وكم ينأى به عن أروع نواحي الجمال في النظم.)١٤٨
ومن المهتمين والمبرزين في هذا الجانب : الشهيد سيد قطب، في تفسيره ( في ظلال القرآن ) ١٤٩ فقد استوعب جميع سور القرآن الكريم، في بيان وحدتها الموضوعية، والجرس الموسيقي المتناسب مع الآيات والمعاني.