فالقرآن كان معنيا بتأسيس دين جديد، بين قوم لا يدينون بالدين الحق، وآية ذلك أن الفترة المكية على طولها، كانت الدعوة فيها متجهة إلى بناء العقيدة، وترسيخها في أعماق الوجدان، وما ذاك إلا لأنها هي قوة الدفع للإنسان المؤمن، نحو الطاعة المطلقة لله – عز وجل –، في الأمر والنهي. وهذا التفريق في النزول، يدل دلالة واضحة على أن القرآن الكريم كلام الله العزبز الحكيم، وليس كلام بشر على الإطلاق، وأن عقلا بشريا مهما أوتي من القوة والحفظ والإحكام، لا يستطيع أن يذكر موضع فقرة من كلام سابق مضى عليه سنوات، فيضعها في مكانها، بحيث تلتحم وتتواءم مع سابقاتها، ولاحقاتهافي اللفظ، والمعنى، والسياق، ولا يتأتى ذلك لو لم يكن ترتيب السور توقيفيا، كما هو الحال في ترتيب الآيات
المبحث الأول : تعريف الآية، وآراء العلماء في ترتيب الآيات :
أ - تعريف الآية لغة واصطلاحا : تطلق الآية في اللغة على معان متعددة منها :( المعجزة، والعلامة، والعبرة، والأمر العجيب، والجماعة، والدليل)٣.
وأما حد الآية القرآنية في الإصطلاح أوفي عرف القرآن :( فهو قرآن مركب من جمل ولو تقديرا، ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة.) ٤.
ومن الواضح البين مناسبة المعنى اللغوي للمعنى الاصطلاحي للآية القرآنية، فهي القرآن المعجز، وهي علامة على صدق الآتي بها – ﷺ -، وفيها عبرة لمن أراد أن يعتبر، وهي من الأمور العجيبة، لسمو أسلوبها ومعناها، وفيها معنى الجماعة، لأنها مؤلفة من الحروف والكلمات، وفيها معنى الدليل، لأنها برهان على ما تضمنته من هداية وعلم.
ب - آراء العلماء في ترتيب الآيات :