وذهب البيهقي في المدخل ١٢، إلى أن القرآن كان على عهد النبي – ﷺ – توقيفي إلا الأنفال، وبراءة، فإن ترتيبهما باجتهاد من عثمان – رضي الله عنه -، ووافقه عليه الصحابة، وقد استدل على استثناء هاتين السورتين بما أخرجه أحمد، وغيره، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال :( قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلىبراءة وهي من المئين فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر – بسم الله الرحمن الرحيم – ووضعتموها في السبع الطوال.. ؟ ما حملكم على ذلك.. ؟ قال عثمان : إن رسول الله – ﷺ – كان مما يأتي عليه من الزمان، ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده ويقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وبراءة من آخر القرآن، فكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله – ﷺ – ولم يبين لنا أنها منها، وظننت أنها منها، فمن أجل قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر- بسم الله الرحمن الرحيم – ووضعتهما في السبع الطوال.) ١٣
وتابعه السيوطي على ذلك فقال :( والذي ينشرح إليه الصدر، ما ذهب إليه البيهقي، وهو : أن كل السور توقيفية سوى الأنفال وبراءة..) ١٤
القول الثالث :- وذهب إليه غير الجمهور : وهو أن ترتيب السور توقيفي عن رسول الله – ﷺ -، وأن الصحابة حينما خافوا ذهاب بعض القرآن باستشهاد حفظته، جمعوه، وكتبوه، كما سمعوه من النبي – ﷺ –، ولم يقدموا أو يؤخروا شيئا، واقتصر عملهم على جمع القرآن في موضع واحد، دون التعرض لترتيب سوره، إلا وفق ما سمعوه من رسول الله – ﷺ -، على هذا النسق والترتيب١٥