وعن روعة نظم هذه الآية الكريمة يقول الزمخشرى [ فإن قلت كيف ترتبت الجمل في آية الكرسي من غير حرف عطف ؟ قلت ما منها جملة إلا وهى واردة على سبيل البيان لما ترتبت عليه والبيان متحد بالمبين، فلو توسط بينهما عاطف لكان كما تقول العرب بين العصا ولحائها، فالأولى بيان لقيامه بتدبير الخلق وكونه مهيمنا عليه غير ساه عنه ٠والثانية لكونه مالكالمايدبره٠ والثالثة لكبرياء شأنه ٠ والرابعة لإحاطته بأحوال الخلق، وعلمه بالمرتضى منهم المستوجب للشفاعة٠ وغير المرتضى ٠ والخامسة لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها ٠ أو لجلالة وعظم قدره ١(١).
وقال الغزالي [ إنما كانت آية الكرسي سيدة الآيات لأنها اشتملت على ذات الله وصفاته وأفعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هي المقصود الأقصى في العلوم وماعداه تابع له ولم تجتمع كل هذه المعاني والمقاصد في آية سواها حتى سورة الإخلاص ليس فيها إلا التوحيد والإخلاص٠٠٠ ](٢) ٣.
أقول ومن عجائب ما في هذه الآية أن عدد كلماتها خمسون وذكر اسم الله - عز وجل - فيها سبعة عشرة مرة والصلاة خمس وهي في الآخرة خمسين وعدد ركعاتها سبع عشرة مرة وهكذا فإن الصلاة صلة بين العبد والرب وهي نعمة ورحمة وسكينة وطمأنينة وهدى وشفاء ونور وعصمة وكذلك آية الكرسي، ولذلك حثنا رسول الله - ﷺ - على المداومة على قراءتها لما فيها من السمو والرقي والهداية والرحمة والسكينة والرضا والنور والهدى والله تعإلى أعلم

(١) - نفس المرجع ١/ ٣٠١
(٢) - جواهر القرآن للإمام أبي حامد الغزالي ص ٤٥.


الصفحة التالية
Icon