وعن قوله جل وعز: * (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره) * (١٤).
فأمر الله عزوجل نبيه ﷺ أن يعفو عنهم ويصفح حتى يأتى الله بأمره، ولم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأنزل الله عزوجل في براءة، فأتى الله فيها بأمره وقضائه، فقال: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله) * الى: * (وهم صاغرون) * (١٥).
فنسخت هذه الاية ما كان قبلها وأمر فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يفدوا بالجزية (١٦).
وعن قوله جل وعز: * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم) * (١٧).
فأمر الله عزوجل نبيه ﷺ ألا يقاتلهم عند المسجد الحرام الا أن يبدأوا فيه بقتال (١٨).
وقال في آية أخرى: * (يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير) * (١٩).
كان القتال فيه كبيرا كما قال الله عزوجل، فنسخ هاتين الايتين في براءة: * (فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجد تموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) * (٢٠).
وقال عزوجل: * (وقاتلوا المشركين كافة) *، يعنى بالكافة جميعا، * (كما

(١٤) البقرة ١٠٩.
(١٥) التوبة (براءة) ٢٩.
(١٦) ينظر: ابن حزم ١٢٣، النحاس ٢٥، ابن سلامة ١٢، مكى ١٠٨، ابن الجوزى ١٩٩، العتائقى ٢٨، ابن المتوج ٣٨.
(١٧) البقرة ١٩١.
(١٨) نقل مكى قول قتاده ١٣١.
وينظر أيضا: ابن حزم ١٢٤، النحاس ٢٦، ابن سلامة ١٩، ابن الجوزى ٢٠٠، العتائقى ٣٣، ابن المتوج ٥٥.
(١٩) البقرة ٢١٧.
(٢٠) التوبة ٥.
(*)


الصفحة التالية
Icon