كانت العناية بعلوم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم منذ بدأت العناية بتدوين علوم القرآن، فنجد أن العلماء يبحثون في علوم القرآن ثم يفردون أبواباً للوجوه والنظائر من بين أبواب كتبهم، كما صنع الزركشي في كتابه ((البرهان في علوم القرآن))، والسيوطي في كتابه ((الإتقان)) و((معترك الأقران في إعجاز القرآن))، بيد أن أهمية هذا العلم قد جعلت بعضهم يفردونه في مؤلفات مستقلة، فهذا ابن الجوزي قد كتب كتابه ((فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن))[٧٣]، ولكنه أفرد الوجوه والنظائر القرآنية في كتاب مستقل أسماه ((نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر)) اهتماماً بشأنه، وسعة مادته، ثم اختصره في كتاب ((منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر في القرآن الكريم))[٧٤].
وهذا السيوطي يفرد له باباً في كتابه ((الإتقان))، ثم أفرده في كتاب مستقل أسماه ((معترك الأقران في مشترك القرآن))، وكذلك غيرهما من العلماء.
ومن العلماء من لم يكتب كتاباً شاملاً في علوم القرآن، ولكنه اعتنى بهذا العلم على وجه الخصوص – أعني الوجوه والنظائر في القرآن الكريم – وأفرد له كتاباً ((كمقاتل بن سليمان)) في كتابه ((الأشباه والنظائر في القرآن الكريم))، وهارون بن موسى، أبو عبدالله الأزدي في كتابه ((الوجوه والنظائر في القرآن الكريم)). ومن هنا يتضح ما لهذا العلم من منزلة بين العلوم الشرعية بعامة، وعلوم القرآن بخاصة.
نشأته:
إن هذا العلم ليس من العلوم المستحدثة، وإنما وجد منذ عصر الرسول r، فقد روي عن رسول الله r قوله: "لا يكون الرجل فقيهاً كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة".