علماً أنني لم أجد – فيما لدي – من نص على سماعه من أبي الدرداء، وبهذا يكون الحديث موقوفاً مرسلاً، غير أنه صحيح إلى أبي قلابة. وقد صحح ابن عبدالبر هذا الحديث بقوله: هذا حديث لا يصح مرفوعاً، وإنما الصحيح فيه أنه من قول أبي الدرداء.. أ. هـ[٩٦].
وقد اعتنى الصحابة بتفسير القرآن الكريم، وبيان معانيه، فحكي عنهم وجوه متعددة في تفسير الآية الواحدة، أو اللفظة القرآنية الواحدة.
ويشهد له ما أخرجه ابن سعد[٩٧] من طريق عكرمة[٩٨] عن ابن عباس[٩٩] أن علي بن أبي طالب[١٠٠] رضي الله عنهما أرسله إلى الخوارج فقال: ((اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم في القرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة)).
وأخرج من طريق آخر أن ابن عباس قاله له: ((يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم في بيوتنا نزل، قال: صدقت، ولكن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن خاصمهم بالسنن، فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً. فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن، فلم تبق بأيديهم حجة))[١٠١].
وقد نقل عن الصحابة والتابعين ومن أتى بعدهم من العلماء في تفسير الآية الواحدة معان متعددة: فمن ذلك ما نقل عن أبي العالية[١٠٢] قوله: كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج فهو من الزنى إلا هذه الآية: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن"[١٠٣]. أن لا يراها أحد[١٠٤].
وأخرج عن سعيد بن جبير[١٠٥]، قال: ((العفو)) في القرآن على ثلاثة أنحاء: نحو تجاوز عن الذنب، ونحو في القصد في النفقة:
"وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ"[١٠٦].
ونحو في الإحسان فيما بين الناس:
"إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ"[١٠٧].
وأخرج عكرمة، قال:
"ما صنع الله فهو ((السُّدّ))، ما صنع الناس فهو ((السَّدّ))"[١٠٨].
وذكر أبو عمرو الداني[١٠٩] في قوله تعالى:
"وَسْئَلهُمْ عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ البَحْرِ"[١١٠].


الصفحة التالية
Icon