وإلى ما ذكر في قوله تعالى: "إِنَّ اللهَ اشتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ"[٤٩] الآية.
وأما الباع فمن الواو بدلالة قولهم:
"باع في السر بيوع إذا مد باعه"[٥٠].
فلو تأملنا هذين المثالين لوجدنا الفرق واضحاً بين العلمين: ((علم الوجوه والنظائر، وعلم التفسير بالمفردات))، إذ أن الأول يذكر اللفظ، وعدد وجوهه، ثم يضع كل وجه مع اللفظ الدال عليه في الآيات القرآنية، بخلاف التفسير بالمفردات، فهو يأتي ابتداء بالكلمة المفردة، ثم يذكر معناها لغة الاستشهاد عليها بكلام العرب المحتج بقولهم، أو كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم يذكر بعض الآيات التي ورد بها اللفظ في مورد الآية كذا.
أهمية العلم والتدوين فيه:
لم تكن لغة ضيقة التعبير عن المعنى المراد، وإنما كانت واسعة الدائرة في ذلك، إذ لدى العرب القدرة على التعبير عن المعنى الواحد بأساليب متعددة، وألفاظ مختلفة حسب ما يقتضيه حال المخاطب والسامع، وبذلك يمكن فهم المعنى المراد عند المخاطبين بصورة كاملة، مهما اختلفت ظروفهم، وأصنافهم، وتعددت مستوياتهم الفكرية.
هذا وإن القرآن قد نزل بلغة العرب الذين اشتهروا بقوة الفصاحة والبلاغة، فأعجزهم فصاحته وبيانه المعجز، وبلاغته التي تقاصرت دونها بلاغتهم فأدهشهم فصاحته وبيانه وأعجزهم بلاغته التي لم تطاول إليها بلاغتهم إذ كان أوسع دائرة في أسلوبه، وأدق معنى في تعبيره، وأكثر استعمالاً للألفاظ الدالة على المعنى الواحد، وأفضل صياغة للفظ الواحد الدال على المعاني المتعددة بما أصبح يعرف بالوجوه والنظائر في القرآن الكريم.
لذلك اعتنى العلماء المتخصصون بعلوم القرآن الكريم بهذا الجانب عناية خاصة، وذلك لأهميته وخطره، إذ به تتسع قاعدة المفاهيم الإسلامية، وتصل إلى البعيد والقريب، والعالي والداني.