فما ظهر الزنا في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون، وفشت فيهم الأمراض التي لم تعرف فيمن قبلهم، على أن المرأة إذا حملت من السفاح فإما أن تقتل الولد ؛ فتزهق نفساً بغير حق، وإما أن تلحقه بزوجها وتثبت له نسباً باطلاً وتثبت له محرمية مزيفة، وتجعله يرث مالاً حراماً إلى غير ذلك من الشرور والمفاسد التي قد تصيب المجتمع بالكثير من الكوارث ؛ ولذا قال المصطفى ؟: "أيما امرأة ألحقت بقوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء ولن يدخلها جنته"[٤٣].
الوصية الخامسة: النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق:
لقد جاء النهي عن هذه المنكرات الواردة في الآية متوالياً ومتتابعاً ؛ لأن كلاً منها جريمة قتل من نوع ما، بل إنها جرائم قتل في الحقيقة.
فالجريمة الأولى: الشرك بالله فهي قتل للفطرة.
والثانية: قتل الأولاد وهي تحطيم للأسرة.
والثالثة: الزنا جريمة قتل للجماعة.
والرابعة: جريمة قتل للنفس المفردة.
فلا يجوز إذاً قتل النفس التي حرم الله قتلها في حال من الأحوال، إلا في حال فعلها لشيء يوجب قتلها، فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ؟: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"[٤٤] ؛ وذلك لأن الإسلام ينظر إلى وجود الإنسان على أنه بنيان بناه الله تعالى، فلا يحق لأحد أن يهدمه إلا بالحق، وبذلك يقرر الإسلام عصمة الدم الإنساني، ويعتبر من اعتدى على نفس واحدة فكأنما اعتدى على الناس جميعاً، قال تعالى: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"[٤٥].