- كما أثنى على من إذا سمعه سجد، فقال :( إِذَا تُتْلَي عليهمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) ( مريم : ٥٨ )، وقال :( قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَي عليهمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ) ( الإسراء : ١٠٧ـ ١٠٩ )، وهذا وإن قيل : إنه متناول سجود الصلاة، فإنهم إذا سمعوا القرآن ركعوا وسجدوا، فلا ريب أنه متناول سجود القرآن بطريق الأولى؛ لأن هناك السجود بعض الصلاة، وهنا ذكر سجوداً مجرداً على الأذقان، فما بقي يمكن حمله على الركوع؛ لأن الركوع لا يكون على الأذقان.
- وقوله :( لِلأَذْقَانِ ) أي : على الأذقان. كما قال :( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) ( الصافات : ١٠٣ ) أي : على الجبين. وقوله :( لِلأَذْقَانِ ) يدل على تمام السجود، وأنهم سجدوا على الأنف مع الجبهة حتى التصقت الأذقان بالأرض، ليسوا كمن سجد على الجبهة فقط، والساجد على الأنف قد لا يلصق الذقن بالأرض، إلا إذا زاد انخفاضه.
وأما احتجاج من لم يوجبه بكون النبي ﷺ لم يسجد لما قرأ عليه زيد ( النجم ])، وبقول عمر : لما قرأ على المنبر سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأها حتى جاء السجدة. قال : يا أيها الناس، إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، وفي لفظ : فلما كان في الجمعة الثانية تشرفوا ـ فقال : إنا نمر بالسجدة ولم تكتب علينا، ولكن قد تشوفتم، ثم نزل فسجد...


الصفحة التالية
Icon