قال ابن كثير : يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وكبريائه الذي خضع له كل شيء، ودانت له الأشياء والمخلوقات بأسرها: جمادها وحيواناتها، ومكلفوها من الإنس والجن والملائكة، فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال، أي: بكرة وعشيا، فإنه ساجد بظله لله تعالى... قال مجاهد: إذا زالت الشمس سجد كلُّ شيء لله عز وجل. وكذا قال قتادة، والضحاك، وغيرهم... وقوله: ( وَهُمْ دَاخِرُونَ ) أي: صاغرون... وقال مجاهد أيضًا: سجود كل شيء فيه. وذكر الجبال قال: سجودها فيها... وقال أبو غالب الشيباني: أمواج البحر صلاته... ونزلهم منزلة من يعقل إذ أسند السجود إليهم... ثم قال: ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِنْ دَابَّةٍ ) كما قال: ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) (الرعد : ١٥)، وقوله: ( وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) أي: تسجد لله أي غير مستكبرين عن عبادته، ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ) أي: يسجدون خائفين وجلين من الرب جل جلاله، ( وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) أي: مثابرين على طاعته تعالى، وامتثال أوامره، وترك زواجره...


الصفحة التالية
Icon