وقال القرطبي : قوله تعالى: (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا) يعنى القرآن... وهذا من الله عز وجل على وجه التبكيت لهم والتهديد لا على وجه التخيير...(إن الذين أوتوا العلم من قبله) أي من قبل نزول القرآن وخروج النبي صلى الله عليه وسلم، وهم مؤمنو أهل الكتاب، في قول ابن جريج وغيره... قال ابن جريج: معنى (إذا يتلى عليهم) كتابهم... وقيل القرآن...(يخرون للاذقان سجدا) قيل: هم قوم من ولد إسماعيل تمسكوا بدينهم إلى أن بعث الله تعالى النبي عليه السلام، منهم زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل... وعلى هذا ليس يريد أوتوا الكتاب بل يريد أوتوا علم الدين... وقال الحسن: الذين أوتوا العلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم... وقال مجاهد: إنهم ناس من اليهود، وهو أظهر لقوله " من قبله "...." إذا يتلى عليهم " يعنى القرآن في قول مجاهد... كانوا إذا سمعوا ما أنزل الله تعالى من القرآن سجدوا وقالوا: " سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا "... وقيل: كانوا إذا تلوا كتابهم وما أنزل عليه من القرآن خشعوا وسجدوا وسبحوا، وقالوا: هذا هو المذكور في التوراة، وهذه صفته، ووعد الله به واقع لا محالة، وجنحوا إلى الاسلام، فنزلت الآية فيهم... وقالت فرقة: المراد بالذين أوتوا العلم من قبله، محمد ﷺ، والضمير في " قبله " عائد على القرآن حسب الضمير في قوله " قل آمنوا به "... وقيل: الضميران لمحمد صلى الله عليه وسلم، واستأنف ذكر القرآن في قوله: " إذا يتلى عليهم "... وقوله تعالى: ( ويقولون سبحن ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) دليل على جواز التسبيح في السجود... وفى صحيح مسلم وغيره عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول في سجوده وركوعه " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى "...