وقوله تعالى:( ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) فيه أربع مسائل: الاولى - قوله تعالى: (ويخرون للاذقان يبكون) هذه مبالغة في صفتهم ومدح لهم... وحق لكل من توسم بالعلم وحصل منه شيئا أن يجرى إلى هذه المرتبة، فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذل... وفى مسند الدارمي أبى محمد عن التيمى قال: من أوتى من العلم ما لم يبكه لخليق ألا يكون أوتى علما، لان الله تعالى نعت العلماء، ثم تلا هذه الآية... ذكره الطبري أيضا... والاذقان جمع ذقن، وهو مجتمع اللحيين... وقال الحسن: الاذقان عبارة عن اللحى... أي يضعونها على الارض في حال السجود، وهو غاية التواضع... واللام بمعنى على، تقول: سقط لفيه أي على فيه... وقال ابن عباس: " يخرون للاذقان سجدا " أي للوجوه... وإنما خص الاذقان بالذكر لان الذقن أقرب شئ فمن وجه الانسان... قال ابن جويز منداد: ولا يجوز السجود على الذقن... لان الذقن هاهنا عبارة عن الوجه، وقد يعبر بالشئ عما جاوره وببعضه عن جميعه... فيقال: خر لوجهه ساجدا وإن كان لم يسجد على خده ولا عينه... ألا ترى إلى قوله: خر صريعا على وجهه ويديه... الثانية - قوله تعالى: (يبكون) دليل على جواز البكاء في الصلاة من خوف الله تعالى، أو على معصيته في دين الله، وأن ذلك لا يقطعها ولا يضرها... ذكر ابن المبارك عن حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: أتيت النبي ﷺ وهو يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
وفى كتاب أبى داود: وفى صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء... الثالثة - واختلف الفقهاء في الانين، فقال مالك: الانين لا يقطع الصلاة للمريض، وأكرهه للصحيح، وبه قال الثوري... وروى ابن الحكم عن مالك: التنحنح والانين والنفخ لا يقطع الصلاة... وقال ابن القاسم: يقطع... وقال الشافعي: إن كان له حروف تسمع وتفهم يقطع الصلاة.


الصفحة التالية
Icon