ولكن هذا الرد مع وجاهته لم يسلم من الاعتراض.
فقد اعترض بأن نقل الآية من معناها الخبرى إلى المعنى الإنشائى لا يجوز إلا لضرورةٍ مانعةٍ من إرادة المعنى الأصلي ولا ضرورة هنا.
ثانيا: أن سورة الواقعة مكية وموضوعها هو تقرير عقيدة البعث وإثبات نزول القرآن من عند الله، فلا يجوز صرفها عن موضوعها إلى حكم فرعى وهو مس المصحف.
وقد استدل ابن تيمية - رحمه الله - على الحكم الشرعي من وجه لطيف. فقال: إن الآية الكريمة تدل على الحكم من باب (الإشارة) فإذا كان الله تبارك وتعالى يخبر أن المصحف المطهر في السماء لا يمسه إلا المطهرون فالمصحف الذي بين أيدينا كذلك ينبغى أن لا يمسه إلا طاهر.
وفى كتاب مدارج السالكين مناقشة لرأي ابن تيمية فقد نفى ابن القيم - غفر الله له - وجود أي علاقة بين الآية الكريمة وبين الحكم الشرعي، والرأي الذي عليه الجمهور أن الحكم الشرعي مستفاد من السنن وليس للآية دخل فيه.
لأن الآية الكريمة تتكلم عن (الكتاب المكنون) والقرآن جزء منه.
قال تعالى: (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ)
قال الإمام مالك في الموطأ أحسن ما سمعت في تفسير الآية الكريمة: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)
أنها مثل آية عبس التي ذكرتها، وعلى هذا فالحكم الشرعي مصدره السنة المطهرة.
فقد ذكر أصحاب السنن أن النبي - ﷺ - أرسل رسالة إلى أهل اليمن وجاء فيها:.. وألا يمس القرآن إلا طاهر